الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص83
قال الماوردي : وصورتها في رجل امسك رجلاً حتى قتله آخر فعلى القاتل القود ، فأما الممسك فإن كان القاتل يقدر على القتل من غير إمساك ، أو كان المقتول يقدر على الهرب بعد الإمساك فلا قود على الممسك بالإجماع .
وإن كان القاتل لا يقدر على القتل إلا بالإمساك ، وكان المقتول لا يقدر على الهرب بعد الإمساك فقد اختلف الفقهاء في الممسك ، فمذهب الشافعي وأبي حنيفة : أنه لا قود عليه ولا دية ، ويعزر أدباً .
وقال إبراهيم النخعي وربيعة بن أبي عبد الرحمن بحبس الممسك حتى يموت ، لأنه أمسك المقتول حتى مات ، فوجب أن يجازى بمثله ، فيحبس حتى يموت .
وقال مالك : يقتل الممسك قوداً كما يقتل القاتل إلا أن يمسك مازحاً ملاعباً فلا يقاد استدلالاً بقول الله تعالى ( فقد جعلنا لوليه سلطاناً ) [ الإسراء : 33 ] .
وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قتل جماعة بواحد .
وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به أي لو تعاونوا عليه .
والممسك قد عاون على القتل ولأنهما تعاونا في قتله ، فوجب أن يستويا في القود ، كما لو اشتركا في قتله ، ولأن ممسك الصيد لما جرى عليه حكم القاتل في وجوب الجزاء ، ولو أمسكه أحد المجرمين ، وقتله الآخر اشتركا في الجزاء ، وجب أن يكون ممسك المقتول يجري عليه حكم القاتل في وجوب القود ، ويكونا فيه سواء ، ولأن الإمساك سبب أفضى إلى القتل فلم يمنع أن يجري عليه حكم المباشرة للقتل كالشهود إذا شهدوا عند الحاكم على رجل بالقتل فقتل ، ثم رجعوا قتلوا قوداً بالشهادة ، وإن كانت سبباً كذلك الممسك .
ودليلنا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ يقتل القاتل ، ويصبر الصابر ‘ .
قال أبو عبيدة يعني يحبس لأن المصبور هو المحبوس ، يريد بالحبس التأديب لا كما تأوله ربيعة على الحبس إلى الموت ، ولأن الإمساك سبب ، والقتل مباشرة ، فإذا اجتمعا ولم يكن في السبب إلجاء كالشهود سقط حكم السبب بوجود المباشرة ، كما لو حفر رجل بئراً فدفع رجل فيها إنسانا فمات كان القود على الدافع دون الحافر ، ولأن هذا القاتل قد يصل إلى القتل تارة بالإمساك وتارة بالحبس ، ثم ثبت أنه لو قتله بعد الحبس لم يقتل الحابس ، كذلك إذا قتله بعد الإمساك لم يقتل الممسك ، ولأن حكم الممسك مخالف لحكم المباشر في الزنا ، لأنه لو أمسك امرأة حتى زنا بها رجل ،