الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص78
اثما بالرضا والمشورة ، وعلى المأمور القود أو الدية ، ويختص بالتزامها مع الكفارة .
فإن غر الآمر المأمور وقال : اقتل هذا فإنه حربي أو مرتد فقتله وكان مسلماً فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون في دار الإسلام فالقود على المأمور واجب ، ولا قود على الآمر ، فإن عفى عن القود وجب عليه الدية ، ولا يرجع بها على الآمر ، لأن الظاهر من دار الإسلام إسلام أهلها ، فضعف غرور الآمر فيها .
والضرب الثاني : أن يكون ذلك في دار الحرب فلا قود على المأمور ولا على الآمر ، وتجب على المأمور الدية كالخاطئ ، لأن الظاهر من دار الحرب كفر أهلها .
فإذا غرم المأمور الدية ففي رجوعه بها على الآمر الغار وجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن غر رجلاً في النكاح على أن المنكوحة حرة فباتت أمة ، هل يرجع عليه بما غرمه من صداقها فيها قولان : كذلك هاهنا يتخرج فيه وجهان والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل أمر عبده بالقتل . فامتثل أمره فيه فللعبد المأمور حالتان :
إحداهما : أن يكون ممن لا يميز في طاعة سيده بين المحظور والمباح ، إما لصغره وإما لأعجميته ، فيكون السيد الآمر هو القاتل ، ويكون العبد معه كالآلة التي يستعملها أو كالبهيمة التي يشليها فيكون القود في المقتول واجباً على السيد دون العبد ، فإن عفى عنه إلى الدية كانت حاله في ماله ، ولا ترتهن رقبة العبد بها ، ويكون كسائر أموال السيد .
وعلى هذا لو قال السيد لهذا العبد ، اقتلني فقتل سيده بأمره فلا قود عليه ، ويكون السيد قاتل نفسه .
ولو قال له السيد : اقتل نفسك فقتل نفسه عن أمره ، كان السيد هو القاتل لعبده ، فيؤخذ بما يؤخذ به قاتل عبده .
والحال الثانية : أن يكون هذا العبد يميز في طاعة سيده بين المباح وبين المحظور ، ويعلم أن القتل محظور لا يطاع فيه السيد ، إما لبلوغه وعقله ، وإما