الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص76
والوجه الثاني : أنه لا يكون الإكراه على القتل إلا بالقتل ، أو بما أفضى إليه من قطع أو جرح ، ولا يكون الضرب والحبس ، وأخذ المال فيه إكراها ، لأن حرمة النفوس من أغلظ من حرمة الأموال ، فاقتضى أن يكون الإكراه على القتل أغلظ من الإكراه فيما عداه .
واختلف أصحابنا في إكراه الإمام على قتل الظلم هل يخرج به من إمامته على وجهين : حكاهما ابن أبي هريرة .
وكذلك في ارتكابه للكبائر الذي يفسق بها .
أحد الوجهين : أنه يخرج من الإمامة لقول الله تعالى : ( إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) [ البقرة : 124 ]
والوجه الثاني : أنه لا يخرج بها من الإمامة حتى يخرجه منها أهل الحل والعقد ، لانعقادها بهم ، وعليهم أن يستنيبوه فإن تاب وإلا خعلوه .
أحدهما : أن يكون متغلباً بتأويل كمن ندب نفسه لإمامة أهل البغي ، إذا أمر بقتل رجل ظلماً فلا يخلو حال المأمور من أحد أمرين :
إما أن يكون ممن يرى رأيه ، ويعتقد طاعته ، أو يكون مخالفاً له ، فإن كان موافقا لرأيه معتقد الطاعة فحكم المأمور معه كحكمه مع إمام أهل العدل إن لم يكن من الآمر إكراه وجب القود على المأمور دون الآمر ، وإن كان منه إكراه وجب القود على الآمر وفي وجوبه على المأمور قولان .
وإن كان ممن يخالفه في رأيه ، ولا يعتقد طاعته ففيه وجهان :
أحدهما : أن يغلب فيه حال المأمور لما يعتقده من مخالفة الآمر ، ويجري عليه حكمه مع الآمر إذا كان متغلباً باللصوصية على ما سنذكره .
والوجه الثاني : أن يغلب فيه حال الآمر ، ويجري عليه حكمه مع الآمر إذا كان إماماً لأهل العدل لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان الباغي مع إمام أهل العدل في حكم أهل العدل ، وجب أن يكون أهل العدل مع إمام أهل البغي في حكم أهل البغي .
والثاني : أن الشافعي أمضى أحكام قضائهم على أهل العدل وأهل البغي ، وجواز أخذ الزكاة وجباية الخراج منهما فاستويا في الحكم ، وإن اختلفا في المعتقد .
والضرب الثاني : أن يكون متغلبا باللصوصية إذا أمر بقتل رجل .