پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص73

أحدهما : واجب كالإمام يقاد منهما جميعاً ، فإن عفا عنهما اشتركا في الدية ، وكان على كل واحد منهما كفارة .

وبه قال زفر بن الهذيل . والقود الثاني : أنه لا قود على المأمور والمكره ، ويختص القود بالإمام المكره .

واختلف أصحابنا في تعليل هذا القول في سقوط القود عن المأمور فذهب البغداديون بأسرهم إلى أن العلة فيه أن الإكراه شبهة تدرأ بها الحدود .

فعلى هذا التعليل يجب عليه إذا سقط القود عنه نصف الدية ، لأنه أحد القائلين ، وعليه الكفارة . وذهب البصريون منهم : إلى أن العلة فيه أن الإكراه إلجاء وضرورة تنقل حكم الفعل عن المباشر إلى الآمر كالحاكم إذا ألجأه شهود الزور إلى القتل .

فعلى هذا التعليل تسقط عنه الدية والكفارة كما تسقط عنه القود ، وتكون الدية كلها على الإمام المكره وهذا قول أبي حنيفة ومحمد .

وقال أبو يوسف : لا قود على الإمام الآمر ، ولا على المأمور استدلالاً بأن أمر الإمام سبب ومباشرة المأمور إلجاء ، فسقط حكم السبب بحدوث المباشرة ، وسقط حكم المباشرة بوجود الإلجاء ، فسقط القود عنهما .

وهذا خطأ لقول الله تعالى ( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً ) [ الإسراء : 33 ] فلو سقط القود عنهما مع وجود الظلم في القتل لبطل سلطانه ، ولما انزجر عن القتل ظالم ، ولأن إجماع الصحابة يمنع من قول أبي يوسف .

وهو ما روي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه ولى رجلاً اليمن ، فأتاه رجل منهما مقطوع اليد . فقال : إن خليفتك ظلمني فقطعني . فقال أبو بكر : لو علمت أنه ظلمك لقطعته .

فدل على مؤاخذة الوالي بظلمه فيما أمر به .

وقد أنفذ عمر رضي الله تعالى عنه رسولا إلى امرأة أرهبها فأجهضت ما في بطنها فزعاً فالتزم عمر ديته .

وروي أن رجلين شهدا عند علي بن أبي طالب عليه السلام على رجل بالسرقة فقطعه بشهادتهما ، ثم عادا ، وقالا غلطنا ، والسارق هو هذا فرد شهادتهما ، ولم يقطع الثاني ، وقال : لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما .

فجعل الجهل لهما بالشهادة موجباً لإضافة الحكم إليهما وأخذهما بموجبها ، ووافقه على ذلك من عاصره فصار مع ما تقدم عن أبي بكر وعمر إجماعاً ، ولأن القتل