الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص72
فأما القسم الأول وهو أن يكون الآمر بالقتل إماماً ملتزم الطاعة .
فلا يخلو حال المأمور في قتله من أحد أمرين :
إما أن يجهل حال المقتول ولا يعلم أنه مظلوم ، ويعتقد أن الإمام لا يقتل إلا بحق فلا قود على المأمور ، ولا دية ، ولا كفارة ، لأن طاعة الإمام واجبة عليه لقول الله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) [ النساء : 59 ] وعلى الإمام القود ، لأن أمره إذا كان ملتزم الطاعة يقوم مقام فعله لنفوذه ، وحدوث الفعل عنه ، وجرى المأمور معه جرى الآلة .
قال الشافعي : وهكذا قتل الأئمة ويستحب للمأمور أن يكفر لما تولاه من المباشرة .
والحال الثانية : أن يكون المأمور عالماً بأنه مظلوم ، يقتل بغير حق فلهذا المأمور حالتان :
إحداهما : أن يقتله مختاراً .
والثاني : مكرهاً .
فإن قتله مختاراً غير مكره فهو القاتل دون الإمام ، لأن طاعة الإمام لا تلزم في المعاصي قال النبي ( ص ) ‘ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ‘ .
وقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ويكون الإمام بأمره آثما ، ويتمكن المأمور من القتل عاصياً ، وإن لم يلزمه قود ولا دية ولا كفارة .
وهو ظاهر من مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه .
وذهب بعض أصحابه إلى وجوب القود على الإمام بمجرد أمره ، وإن لم يكن منه إكراه للزوم طاعته ، ونفوذ أمره ، وجعل القود واجباً على الآمر والمأمور معا ، ولهذا القول وجه في اعتبار المصلحة ، وحسم عدوان الأئمة ، وإن كان في القياس ضعيفاً .
وإن كان المأمور مكرها على القتل بأن قال له الإمام : إن لم تقتله قتلتك ، فالقود على الإمام الآمر واجب .
وفي وجوبه على المأمور قولان :