الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص61
الدية حال الاستقرار ، إما بالاندمال أو بالسراية إلى النفس ؛ لأن المقطوع كان وقت الجناية عبداً ، وعلى القاطع دية حر ؛ لأن المقطوع مات حراً ، وللسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمته عبداً ؛ لأنه لم يجب له وقت الجناية أكثر منها ، أو جميع ديته حراً ؛ لأن السراية لم تستقر في أكثر منها .
وقال أبو علي بن أبي هريرة للسيد أقل الأمرين من نصف قيمته عبداً أو نصف ديته حراً .
وهذا زلل من أبي علي ؛ لأن الجناية من شخص واحد ، ولا يخلو حالها من أحد أربعة أقسام .
إما أن يعتبر بها وقت الجناية فنصف القيمة قلت أو كثرت ، أو يعتبر بها وقت الموت فجميع الدية قلت أو كثرت أو يعتبر بها أكثر الأمرين فلا يجوز ، وهو مردود بالاتفاق ، أو يعتبر بها أقل الأمرين وهو المتفق عليه ، فيجب أن يكون الأقل ما وجب في الابتداء ، وهو نصف القيمة أو بما استقر في الانتهاء ، وهو جميع الدية .
فأما أقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية فلا يعتبر إلا في جناية الاثنين ، وهو أن يقطع حر يده قبل العتق ويقطع آخر يده الأخرى بعد العتق ، ثم يموت فتكون عليها دية حر بينهما نصفين ، وللسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمته ، أو نصف ديته ؛ لأنهما جنايتان ، أحدهما في الرق يختص بها السيد ، والأخرى في الحرية ، يختص بها الورثة .
فأما الجاني الواحد فليس للسيد إلا ما قدمناه من أقل الأمرين من نصف قيمته ، أو جميع ديته وإذا كان كذلك لم يخل نصف قيمته من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون نصف قيمته أقل من نصف ديته أو مثلها فما دون ، فيستحق السيد نصف قيمته على المذهبين ، ويكون ما بقي من ديته لورثته .
والقسم الثاني : أن يكون نصف قيمته يزيد على نصف ديته ، ولا تزيد على جميعها فيستحق على مذهب الشافعي نصف قيمته ؛ لأنه أقل من جميع ديته ، وعلى قول أبي علي بن أبي هريرة يستحق نصف ديته ؛ لأنه أقل من نصف قيمته .
والقسم الثالث : أن يكون نصف قيمته أكثر من جميع ديته ، فيستحق على مذهب الشافعي جميع ديته ، وعلى قول أبي علي بن أبي هريرة ، يستحق نصف ديته .
أحدها : أن يندملا .
والثاني : أن يسريا إلى النفس .