الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص60
والثاني : أن الاندمال غاية كالسراية ، ثم كان الاندمال بعد العتق يقتضي نقص قيمته ، كذلك السراية ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لما اختلف الاندمال والسراية في نقصان القيمة ، وجب أن يختلفا في زيادة القيمة قيمته عبداً ، لأنه لو كان قيمته مائة دينار ثم اندملت بعد عتقه وجب فيها مائة دينار ولو سرت إلى نفسه وجب فيها ألف دينار ديته حراً ، كذلك إذا كانت قيمته ألفا دينار وجب فيها إذا اندملت ألفان ، وإذا سرت إلى النفس ألف .
والثاني : أنه لما اختلف الاندمال والسراية في ديات الأطراف حتى لو قطع يديه ورجليه ، وجب في الاندمال ديتان ، وفي السراية دية واحدة ، وجب أن يختلفا في قدر الدية فيجب إذا اندملت ألفا دينار ، وإذا سرت ألف واحد ، وهذا دليل وانفصال ، والخير المستزاد بالعتق هو الثواب ، ونقصان القيمة فيه ليس بشر ، وإنما هو الإبراء والمعونة فصار خيراً أيضاً .
فإن قيل : فهلا كانت لورثته المسلمين دون النصارى ، لأنه مات مسلماً .
قيل الفرق بينهما : أن النصراني كان مالكا للأرش في الجناية قبل إسلامه ، فورثت عنه بعد موته مسلما ، والجناية على العبد كانت ملكاً لسيده ، فلم تورث عنه بعد موته حراً .
فإن قيل : فهلا جعلتموها بين السيد والورثة نصفين لأنها مستحقة بجناية في ملك السيد وسرائه بعد العتق في ملك المعتق ، فيكون ما قابل زمان الرق ملكاً للسيد وما قابل زمان العتق للوارث كما لو كسب مالاً في العتق ومالاً في الرق كان ما كسبه في الرق لسيده ، وما كسبه في العتق لوارثه قيل : السراية أثرت نقصاناً في حق السيد . فلم يجز أن يشاركه الوارث ولو أثرت زيادة كانت للوارث ، مثل أن تكون قيمته مائة دينار ، وقت الجناية ، ثم يسري بعد العتق إلى نفسه فيجب فيها ألف دينار ديته حراً فيكون للسيد منها مائة دينار هي قيمته عبداً والباقي وهو تسع مائة دينار لورثته لحدوثها بعد عتقه .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المعتبر في القصاص حال الجناية ، والمعتبر في