پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص59

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله ولو فقأ عيني عبد قيمته مائتان من الإبل فأعتق فمات لم يكن فيه إلا دية لأن الجناية تنقص بموته حراً وكانت الدية لسيده ، دون ورثته ( قال المزني ) رحمه الله القياس عندي أن السيد قد ملك قيمة العبد وهو عبد فلا ينقص ما وجب له بالعتق ‘ .

قال الماوردي : وأصل هذا أن كل ما وجب في الحر منه دية وجب في العبد منه قيمة ، وما وجب في الحر منه نصف الدية كان في العبد منه نصف القيمة ، وما وجب في الحر منه حكومة كان في العبد ما نقص من قيمته ، ويجتمع في العبد قيم كما تجتمع في الحر ديات ، فإن سرت الجناية إلى النفس لم تجب فيها أكثر من قيمة في العبد ، ودية في الحر .

فإذا استقر هذا الأصل فصورة مسئلتنا : في حر فقأ عيني عبد قيمته ديتان قدرهما الشافعي بمائتين من الأبل ، وإن لم يقوم العبد بالإبل ، وذلك بقدرهما بألفي دينار لأنه أشبه بالقيم فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يبقى العبد على رقه حتى تستقر الجناية ، أما بالاندمال أو بالسراية فيجب على الجاني أن اندملت ألفا دينار ، وإن سرت إلى النفس فمات ألفا دينار أيضاً ، ويستوي حكم الجناية في الاندمال أو السراية ، لأن الواجب فيهما قيمة كاملة ، ولو فقأ إحدى عينيه وجب فيها نصف قيمته إن اندملت ، وهو ألف دينار ، وإن سرت إلى نفسه وجب فيها جميع قيمته وهو ألفا دينار .

والضرب الثاني : أن يعتقه السيد بعد الجناية عليه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن تستقر الجناية بالاندمال فيجب فيها القيمة الكاملة ألفا دينار ، سواء كان العتق قبل الاندمال أو بعده لأن ما اندمل ولم يسر اعتبر فيه وقت الجناية وكان الاندمال معتبراً في الاستقرار دون الوجوب ، كما لو فقأ عيني نصراني فأسلم ثم اندملت عيناه وجب فيهما دية نصراني ، وإن كان عند الاندمال مسلماً كذلك العبد إذا اندملت عيناه بعد عتقه وجب فيهما قيمته عبداً ، وإن كان عند الاندمال حراً .

والضرب الثاني : أن تسري الجناية إلى نفسه وقد أعتقه السيد قبل موته فيجب فيها دية حر ، وذلك ألف دينار ، لأنها إذا سرت إلى النفس اعتبر بها وقت السراية دون الجناية ، لدخول الأطراف في النفس ، هذا مذهب الشافعي وجمهور أصحابه .

وقال المزني يجب فيها ألفا دينار اعتباراً بوقت الجناية استدلالا بأمرين :

أحدهما : أن السيد قد ملك بالجناية ألفي دينار هي قيمة عبده والعتق الذي هو قربة إن لم يزده خيراً لم يزده شراً .