الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص57
قال الماوردي : وصورتها : في مسلم جرح مسلماً ثم ارتد المجروح ومات على ردته ، فلا يجب في النفس قود ، ولا دية ، لأن تلفها كان بجناية في الإسلام ، وسراية في الردة ، والردة يسقط حكم ما حدث فيها من السراية فسقط بها ما زاد على الجناية ، ولم يبق إلا الجناية ، وليست على النفس فسقط حكم النفس .
فأما الجناية الواقعة في الإسلام على ما دون النفس من جرح أو طرف ، فالمنصوص عليه من مذهب الشافعي ها هنا وفي كتاب ‘ الأم ‘ أنها مضمونة بالقصاص ، والأرش ، وهو الصحيح الذي كان عليه جمهور أصحابنا لحدوثها في الإسلام الموجب لضمانها ، وتكون الردة مختصة بسقوط ما حدث من السراية فيها .
وقال أبو العباس بن سريج : ‘ يسقط القصاص ويجب الأرش ‘ لأن الجرح إذا صار نفساً دخل في حكمها ، و صار تبعاً لها . فإذا سقط القود في النفس المتبوعة سقط في الجرح التابع .
وحكى أبو حامد الإسفراييني عن بعض أصحابنا وجهاً ثالثاً : أنه يسقط حكم الجناية في القصاص الأرش جميعاً ، لأنها لما صارت نفسا دخلت في حكمها ، وقد سقط حكم النفس فسقط حكم ما دونها .
وكلا المذهبين فاسد ، وما نص عليه الشافعي أصح ؛ لأن الجناية أصل ، والسراية فرع ، فلم يسقط حكم الأصل بسقوط فرعه ، وإن سقط حكم الفرع بسقوط أصله ، ألا ترى أنه لو جنى عليه في الردة وسرت في الإسلام سقط حكم السراية لسقوط حكم الجناية ، وكذلك إذا جنى عليه في الإسلام وسرت في الردة ثبت حكم الجناية ، وإن سقط حكم السراية .
إما أن يكون في مثلها قصاص أو لا يكون .
فإن لم يكن في مثلها قصاص كالجائفة وجب أرشها ، وكان لبيت المال دون الورثة ؛ لأن المرتد لا يورث ، ولم يجز العفو عن الأرش ؛ لأنه لكافة المسلمين .
وإن كان في مثلها قصاص كقطع يد أو رجل وجب فيه القصاص ، .
وفي مستحق استيفائه وجهان :
أحدهما : وهو مذهب المزني ، وابن أبي هريرة وأكثر أصحابنا : أنه للإمام ؛ لأن القصاص موروث كالمال ، ومال المرتد لبيت المال دون ورثته ، فتولى الإمام كما