پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص55

وأما المسألة الثانية من مسألتي الاشتباه فهي التي ضمها أصحابنا إلى الثلاث المنصوصات ، وظهر فيها من بعضهم خلاف . ؟

وهي في مسلم أرسل سهمه على حربي فأسلم ثم وصل السهم إليه فمات ، فقد جمع أصحابنا بينه وبين المرتد ، فأسقطوا فيه القود اعتباراً بوقت الإرسال ، وأوجبوا فيه دية مسلم اعتباراً بوقت الإصابة .

وفرق أبو جعفر الترمذي بينه وبين المرتد ، فأسقط في الحربي القود والدية معاً ، وأوجب في المرتد الدية ، وأسقط القود فصار جامعاً بينهما في سقوط القود ، ومفرقاً بينهما في وجوب الدية احتجاجاً بأن قتل الحربي مندوب إليه في حق الإمام وغيره ، وقتل المرتد منهي عنه إلا في حق الإمام وهذا الذي قاله الترمذي فاسد ؛ لأن اختلافهما من هذا الوجه لما لم يمنع من تساويهما ، قبل الإسلام في سقوط القود لم يمنع من تساويهما بعد الإسلام في وجوب الدية .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولو جرحه مسلما فارتد ثم أسلم ثم مات فالدية والكفارة ولا قود للحال الحادثة ‘ .

قال الماوردي : وصورتها : في مسلم جرح مسلماً ثم ارتد ثم أسلم ثم مات مسلماً ، فلا يخلو زمان ردته من أن تسري فيه الجناية أو لا تسري .

فإن كان زماناً لا تسري فيه الجناية في مثله لقربه وقصره ، فالدية تامة ؛ لأن النفس تلفت من جناية وسراية ، وهو مضمون النفس في حال الجناية وحال السراية ، فوجب أن تكمل فيه الدية ، ولا يؤثر فيها زمان الردة إذا ليس له تأثير في السراية .

فأما القود ففيه قولان :

أحدهما : يجب فيه القود ؛ لأنه لما لم تؤثر الردة في الدية لم تؤثر في سقوط القود .

والقول الثاني : يسقط القود في النفس ؛ لأنه قد صار بالردة في حال لو مات عليها سقط القود ، فلم يستحقه بالانتقال عنها كالمبتوتة إذا ارتدت ثم أسلمت قبل موت زوجها لم ترثه ؛ لأنه لو مات في ردتها لم ترثه وعليه الكفارة في الأحوال ؛ لأنه قد ضمن دية النفس كاملاً فصار قاتلاً ، وإن كانت الردة في زمان تسري الجناية في مثله لطوله ، فلا قود فيه ؛ لأن مستحق ضمان النفس في حال الجناية والسراية وبعض السراية المقابل لزمان الردة غير مضمون ، فصار الضمان مختصاً بالجناية وبعض السراية ، وساقطاً عن بعض السراية ، فسقط في الحالين ، لأن القود لا يتبعض وجرى مجرى عفو أحد الوليين عن القود ، يوجب سقوطه في حقهما ، لأن القود لا يصح فيه