الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص52
فأما المأمور بها من قبل الإمام فمنسوب الفعل إلى الإمام لما يجب على المأمور من التزام طاعته .
إما أن يتولاها بنفسه أو يأمر بها غيره ، فأن تولاها بنفسه كان عليه القود وعلى الجارح معاً لأنهما قاتلا عمد والدية بينهما نصفين وإن أمر بها غيره ، وجب القود على المأمور ؛ لأنه لا شبهة له في طاعة الأمر ، وعزر الآمر لمعاونته على ما أفضى إلى القتل ، ووجب القود على الجارح ، فإن عفا عنهما ، كانت الدية سنة وبين المأمور نصفين ، وعلى كل واحد منهما كفارة .
أحدهما : أننا على يقين في وجوب النصف ، وفي شك من الزيادة .
والثاني : أن الأصل حياة اللحم حتى يطرأ عليه الموت فصار الظاهر مع الجارح دون الولي ، ولو أختلفا في الدواء ، فقال الجارح : كان سما موحياً وليس علي إلا دية الجرح ، ولا قود في النفس ، وقال الولي : بل كان دواء غير قاتل ، وأنت القاتل فعليك القود ، أو دية النفس ، فالقول مع عدم البينة قول الولي دون الجارح ، وعلى الجارح القود في النفس أو جميع الدية لأمرين اقتضيا عكس ما اختلفا فيه من الخياطة :
أحدهما : أننا على يقين من جناية الجارح وفي شك من غيرها .
والثاني : أن الظاهر في التداوي أنه بالنافع دون القاتل ، فصار الظاهر هو المغلب والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا قطع مسلم يد نصراني فأسلم ثم سرى القطع إلى نفسه فمات لم يجب فيه القود ووجب فيه دية مسلم ، اعتباراً في القود بحال الجناية وفي الدية باستقرار السراية ، وإنما اعتبر في القود بحال الجناية لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان النصراني لو قطع يد نصراني ، ثم أسلم القاطع ومات