الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص50
فإن جهل حال السم ولم يعلم من أي هذه الأقسام الأربعة هو ؟ أجري عليه حكم أخفها ، وهو هذا القسم الرابع ؛ لأنها على يقين منه ، وفي شك من الزيادة عليه .
أحدهما : أن يخاط في لحم ميت فلا تأثير لهذه الخياطة ؛ لأنها في اللحم الميت لا تؤلم ، ولا تسري ، فيصير الجارح منفرداً بقتله بسراية جرحه فوجب عليه القصاص في النفس ، فإن عفا عنه فجميع الدية مغلظة حالة في ماله ، وعليه الكفارة .
والضرب الثاني : أن يخيط في لحم حي فالخياطة جرح ، والذي عليه جمهور أصحابنا : أنه يجري عليه حكم العمد المحض وعندي أنه يجري عليه حكم عمد الخطأ ؛ لأنه قصد به حفظ الحياة فأفضى به إلى التلف ؛ فصار عمداً في الفعل ، خطأ في القصد .
فإن قيل : فبهذا فالجارح قد صار قاتلاً شريكاً لعمد الخطأ ، فسقط عنه القود ، وتجب عليه نصف الدية حالة مغلظة مع الكفارة ، وإن قيل بما عليه الجمهور أن الخياطة عمد محض روعي من تولي الخياطة أو إبرتها فإنه لا يخلو من أحد أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون المجروح تولاها أو أمر بها .
والثاني : أن يكون أبو المجروح تولاها .
والثالث : أن يكون الإمام تولاها أو أمر بها .
والرابع : أن يكون أجنبي تولاها أو أمر بها .
فأما القسم الأول : وهو أن يتولاها المجروح ، ففي وجوب القود على الجارح قولان :
أحدهما : عليه القود في النفس ، إذا اعتبر في القود خروج النفس عن عمد محض .
والقول الثاني : لا قود عليه إذا اعتبر فيه خروج النفس عن عمد مضمون ، لأن عمد المجروح غير مضمون ، وكذلك الحكم لو تولاها من أمره الجارح بها ، ولا يكون