الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص49
والقسم الثاني : أن تكون ديته أقل من نصف دية النفس كالإصبع فيها عشر دية النفس ، فإذا اقتص منها استوفى بها خمس حقه من نصف الدية ، فيرجع عليه بالباقي منها ، وهو أربعة أخماس النصف ليستكمل بها جميع النصف .
والقسم الثالث : أن يكون ديته أكثر من نصف الدية ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قياس قول أبي سعيد الإصطخري يقتص منه ، وإن زاد على دية النفس لانفراده بالحاكم عن سقوط القود في النفس كما لو انفرد بالاندمال .
والوجه الثاني : وهو عندي أشبه ، أنه لا يجوز أن يقتص بنصف الدية من الأعضاء إلا ما قابلها ؟ لأنها تؤخذ بدلاً منها ، فعلى هذا تكون على ضربين :
أحدهما : ما أمكن تبعيضه ، وأن تستوفى منه بقدر حقه كاليدين إذا قطعهما ففيهما الدية ، ويمكن أن تؤخذ إحداهما ، وفيهما نصف الدية فها هنا يجب القصاص عليه في إحدى اليدين ، ويسقط في الأخرى ؛ لأنه قد استوفى بها نصف الدية ، فلم يجز أن يستزيد عليها فوق حقه ، ويكون مخيراً بين الاقتصاص من اليمنى أو اليسرى ، ولا خيار له في غير هذا الموضع .
والضرب الثاني : ما لم يمكن تبعيضه كجدع الأنف ، وقطع الذكر ، فيسقط القود فيه لما تضمنه من الزيادة على القدر المستحق من الدية .
أحدهما : أنه في حكم خطأ العمد ؛ لأن المقصود دية التداوي فصار خطأ في القصد ، عمداً في القتل ، يسقط القود عن الجارح في النفس ، ويجب عليه نصف الدية مع الكفارة ، لأن جرحه صار قتلاً ويكون حكم شريك عمد الخطأ كشريك الخطأ في سقوط القود ، فإن أراد الولي القصاص في الجرح لم يكن له ذلك وجهاً واحداً ؛ لأن شريك الخطأ في الجرح كشريكه في النفس .
والوجه الثاني : أن السم يكون في حكم العمد المحض ، فعلى هذا في وجوب القود على الجارح قولان على ما مضى يقاد من نفسه في أحدهما لخروجها بعمد محض ، ولا يقاد منها في الآخر لسقوطه في حكم السم إذا كان المتداوي به هو المجروح ، فإن أراد الولي القود في الجرح كان على ما ذكرنا من الوجهين .