الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص46
ومثال ذلك : في فريسة السبع أن يجرح بهيمة لا تعيش من جراحته لكنها باقية الحلقوم والحشوة فتذكا ، حل أكلها لورودها على حياة مستقرة وإن لم تدم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا ابتدأ الجاني فجرحه جراحات لم يمت منها ، وكانت على حالها لم تندمل حتى عاد إليه فذبحه أو ضرب عنقه فعليه القود في الجراح وفي النفس ويدخل دية الجراح في دية النفس ، ولا يلزمه أكثر منها .
وقال أبو سعيد الإصطخري وذكره أبو العباس بن سريج أن دية الجراح لا تدخل في دية النفس كما لم يدخل قود الجراح في قود النفس ، فيؤخذ بدية الجراح وبديه النفس كما أقيد بالجراح وأقيد بالنفس ، وهذا خطأ لأن جناية الواحد إذا لم تستقر بني بعضها على بعض ، ودخل الأقل في الأكثر ، فإذا صارت بعد الجراح نفساً كان مأخوذا بدية النفس ، ودخل دية الجراح فيها ، لأن دية الجراح لا تستقر إلا بعد انتهاء سرايتها ، وهي قبل الاندمال غير منتهية فلذلك سقط أرشها ، وصار داخلاً في دية ما انتهت .
فإن قيل : إنما يعتبر الاندمال فيها لانقطاع سرايتها ، والتوجية بعدها قطع لسرايتها ، فصارت كالاندمال .
قيل : التوجيه عليه سراية الجراح ، ولم تقطعها والاندمال قطع سرايتها فافترقا .
فأما قود الجراح فيجوز أن يستوفى مع قود النفس ، واختلف أصحابنا في حكم استيفائه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفرييني أنه يستوفى ، به القصاص في النفس ليقابل القاتل بمثل فعله ، ولا يكون ذلك قوداً في الجراح ، فعلى هذا يكون القود في الجراح داخلاً في قود النفس ، كما دخلت دية الجراح في دية النفس .
والوجه الثاني : وهو قول الأكثرين أنه يكون قوداً في الجراح يستوفى لأجلها ، لا لأجل النفس لتميزها ، فعلى هذا لا يدخل قود الجراح في قود النفس ، وإن دخلت دية الجراح في دية النفس .
والفرق بينهما أن حكم القود أعم من حكم الدية ، لأن الجماعة يقادون بالواحد ، ولا يؤخذ منهم إلا دية واحدة ، فجاز لأجل ذلك أن تدخل دية الجراح في دية النفس ، وإن لم يدخل قود الجراح في قود النفس .
فأما إذا كان الجراح من رجل والتوجية من آخر أخذ الجارح بحكم جراحته في