الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص43
والضرب الثاني : أن يكون الإلقاء في ذلك الماء موجب للقود فالتقمة الحوت قبل التلف ، ففي وجوب القود قولان :
أحدهما : وهو ظاهر منصوص الشافعي : عليه القود لأنه لو لم يلتقمه الحوت لوجب فلم يسقط بالتقامه .
والقول الثاني : حكاه الربيع أنه لا قود عليه لأن مباشرة تلفه حصلت بغير فعله وتلزمه الدية .
ومن أصحابنا من حمل القولين على اختلاف حالين فالقول الذي أوجب فيه القود محمول على نيل مصر الذي يغلب عليه التماسيح فلا يسلم منها أحد ، والقول الذي أسقط فيه القود محمول على غيره من البحار والأنهار التي تخلو غالبا من مثله .
أحدهما : أن لا يقدر على الخلاص منه لقصور خطوته عن وثبة السبع ، فعليه القود لأنه بمثابة من أرسل سهماً قاتلاً .
والضرب الثاني : أن يقدر على الخلاص منه ، إما بسرعة العدو وإما بالدخول إلى بيت ، أو بالصعود إلى شجرة فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون مضعوف القلب ، إما بصغر أو بله يدهش في مثل ذلك عن توقيه ، فالقود فيه واجب ، لأنه عاجز عن الخلاص ، وإن قدر عليه غيره .
والضرب الثاني : أن يكون ثابت النفس قوي القلب يقدر على الخلاص ، فلم يفعل حتى افترسه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يقف السبع بقدر إرساله زماناً ، ثم يسترسل فلا قود ولا دية ، لأن حكم إرساله قد انقطع بوقوفه فصار هو المسترسل بنفسه .
والضرب الثاني : أن يسترسل عليه مع إرساله من غير توقف ، فلا قود لقدرته على الخلاص وفي وجوب الدية وجهان تخريجاً من القولين المتقدمين : أحدهما : لا يجب ؛ لأن قدرته على الخلاص تقطع حكم الإرسال .
والوجه الثاني : تجب عليه الدية لاتصال التلف بالإرسال .
فأما إذا كتفه وألقاه في الأرض مسبعة ، فافترسه السبع فلا قود عليه ولا دية ، ويكون كالممسك والذابح ، لا يجب على الممسك قود كذلك ها هنا ، وإذا وجب عليه القود بإرسال السبع عليه فهو معتبر بتوجيه السبع له ، فأما إن جرحه السبع فمات من جراحته لم يخل جراحته من ثلاثة أقسام :