پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص42

والضرب الثاني : أن يبرأ من التثبيط فلا قود فيه كالجرح إذا مات بعد إندماله وعليه أرش ما لفحته النار وتثبيط جسده .

فصل خامس : إذا ألقاه في الماء فغرق فيه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يلقيه في لجة بحر يبعد ساحله ، فهذا قاتل عمد وعليه القود ، سواء كان يحسن العوم أو لا يحسن لأنه بالعوم لا يصل إلى الساحل مع بعده .

ولذلك قال النبي ( ص ) ‘ البحر نار في نار ‘ فشبهه بالنار لإتلافه .

وأغزى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه جيشاً في البحر ، وأمر عليهم عمرو بن العاص ، فلما عاد سأله عن أحوالهم فقال : دود على عود ، بين غرق أو فرق فآلا على نفسه أن لا يغزي في البحر أحداً .

والضرب الثاني : أن يلقيه في نهر أو بحر يقرب من الساحل فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يربطه أو يثقله حتى لا يقدر على الخلاص من الماء غرير فعليه القود أيضاً ، كالملقى في لجة البحر .

والضرب الثاني : أن يكون مطلقاً غير مربوط ولا مثقل فهذا على ضربين :

أحدهما : أن لا يحسن العوم فعليه القود أيضا لأنه لا يقدر على الخلاص .

والضرب الثاني : أن يحسن العوم فلا يعوم فلا قود فيه ؛ لأنه قدر على خلاص نفسه ، فصار متلفاً لها .

واختلف أصحابنا في وجوب الدية فخرجها بعضهم على قولين كالملقى في النار إذا قدر على الخروج منها ، ومنع الباقون من وجوبها ، قولاً واحداً ، وفرقوا بين الماء والنار بأن الإلقاء في النار جناية متلفة لا يقدم الناس عليها مختارين وليس الإلقاء في الماء لمن يحسن العوم جناية عليه ؛ لأن الناس قد يعومون فيه مختارين لتبرد أو تنظف ، فلا ينسون إلى تغرير .

فلو ألقاه في الماء فالتقمة الحوت فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون الإلقاء في ذلك الماء غير موجب للقود على ما فصلنا فلا قود فيه إذا التقمة الحوت ؛ لأنه تلف من غيره عليه ، وعليه الدية لأنه سبب من جهته أفضى إلى تلفه .