الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص39
أحدهما : أنه لو انحتم قتل من تكرر منه الخنق لانحتم قتل من تكرر منه القتل بالسيف وهو غير منحتم ، وإن تكرر ، وكذلك الخنق .
والثاني : أنه لو صار في انحتام قتله كالمحارب لما اعتبر تكرار منه كما لم يعتبر في المحارب .
والضرب الثاني : أن يخنقه بغير آلة مثل أن يمسك حلقه بيده حتى يمنع نفسه ولا يرفعها عنه حتى يموت فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يقدر المخنوق على خلاص نفسه لفضل قوته على قوة الخانق فهذا هو قاتل نفسه ، ولا قود له وفي وجوب الدية قولان ممن أمر غيره بقتله .
فإن قيل : فمن أريدت نفسه فلم يدفع عنها حتى قتل لم يسقط عن قاتله القود فهلا كان حال هذا المخنوق كذلك .
قلنا : لأن سبب القتل في المخنوق موجود ، فكان تركه إبراء وسببه في الطالب غير موجود ، فلم يكن في الإمساك قبل حدوث السبب إبراء .
والضرب الثاني : أن لا يقدر على خلاص نفسه لفضل الخانق على قوته فعليه القود فلو رفع الخانق يده ، أو حل خناقه ، وفي المخنوق حياة ثم مات ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون نفسه ضعيفاً كالأنين والشهيق فعليه القود ، ويكون بقاء هذا النفس كبقاء حركة المذبوح .
والضرب الثاني : أن يكون نفسه قوياً فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يقرب موته من حل خناقه فعليه القود لدنوه من سبب القتل .
والضرب الثاني : أن يتأخر موته عن حل خناقه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون ضميناً مريضاً من وقت خناقه إلى حين موته فعليه القود ، لأن استدامة مرضه دليل على سراية خناقه .
والضرب الثاني : أن يكون بعد خناقه على معهود صحته ثم يموت ، فلا قود عليه ولا دية ، كما لو جرح فاندمل جرحه ، ثم مات .
وهكذا لو وضع على نفسه ثوباً أو وسادة ، وجلس عليها ، ولم يرسله حتى مات ، وجب عليه القود إذا لم يمكن دفعه فإن أرسله ونفسه باق فهو كالمخنوق بعد حل خناقه .
فإن لطمه فمات من لطمته هذا على ثلاثة أقسام :