پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص29

وقوله : ( فلا يسرف في القتل ) [ الإسراء : 33 ] يريد أن لا يقتل غير قاتله على أن قوله تعالى : ( قد جعلنا لوليه سلطاناً ) [ الإسراء : 33 ] يقتضي أن يكون سلطانه في الجماعة كسلطانه في الواحد فصارت الآية دليلنا .

وأما حديث الضحاك فمرسل منكور وإن صح كان محمولاً على المسك والقاتل ، فيقتل به دون المسك .

وقولهم إن دم الواحد لا يكافئ دم الجماعة غير صحيح ؛ لأن حرمة الواحد كحرمة الجماعة لقول الله تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ) [ المائدة : 32 ] فوجب أن يكون القود فيهما واحداً ، وليس يوجب قتل الجماعة بالواحد ، أن تقتل الواحد بالجماعة ، وإن قال به أبو حنيفة لأن المقصود بالقود حقن الدماء ، وأن لا تهدر فقتل الجماعة بالواحد لئلا تهدر دماؤهم .

وقولهم : لما منع زيادة الوصف ممن القود كان أولى أن يمنع من زيادة العدد ، فالفرق بينهما أن زيادة الوصف منعت من وجود المماثلة في الواحد فلم تمنع في الجماعة ألا ترى أن زيادة الوصف في القاذف تمنع من وجوب الحد عليه ، وزيادة العدد لا يمنع من وجوب الحد عليهم وقولهم : لما لم تستحق بقتله ديتان لم تستحق به قودان فعنه جوابان :

أحدهما : أن الدية تتبعض فلم يجب أكثر منها ، والقود لا يتبعض فعم حكمه كسرقة الجماعة لما أوجبت غرماً يتبعض ، وقطعاً لا يتبعض اشتركوا في غرم واحد وقطع كل واحد منهم .

والثاني : أن القود موضوع للزجر والردع فلزم في الجماعة كلزومه في الواحد ، والدية بدل من النفس فلم يلزم فيها إلا بدل واحد ، فإذا ثبت قتل الجماعة بالواحد : كان الولي فيه بالخيار بين ثلاثة أحوال : إما أن يقتص من جميعهم أو يعفوا عن جميعهم ، إلى الدية فتسقط الدية الواحدة بينهم على أعدادهم ، أو يعفو عن بعضهم ، ويقتص من بعضهم ، ويأخذ ممن عفى عنه من الدية بقسطه .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ رحمه الله ولو جرحه أحدهما مائة جرح والآخر جرحاً واحداً فمات كانوا في القود سواء ‘ .

قال الماوردي : أعلم أن اشتراك الجماعة في قتل الواحد تنقسم ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون كل واحد منهم موجباً مثل أن يذبحه أحدهما ويبقر الآخر بطنه ويقطع حشوته فهذا على ضربين :