الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص28
وهذا الخبر وارد في قتل الجماعة لواحد لأنه قال : ‘ ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ‘ ثم قال : ‘ فمن قتل بعده قتيلاً ‘ ومن ينطلق على الجماعة كانطلاقه على الواحد ثم قال : ‘ فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل ‘ فدل على قتل الجماعة بالواحد ؛ لأن الحكم إذا ورد على سبب ، لم يجز أن يكون السبب خارجاً من ذلك الحكم .
وروى ابن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلة وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً به .
والقتل على أنواع غيلة ، وفتك ، وغدر ، وصبر .
فالغيلة : الحيلة وهو أن يحتالوا له بالتمكن من الاستخفاء حتى يقتلوه .
والفتك : أن يكون آمنا فيراقب حتى يقتل .
والغدر : أن يقتل بعد أمانه .
والصبر : قتل الأسير محاصرة .
وروي عن علي عليه السلام أنه قتل ثلاثة قتلوا واحد وكتب إلى أهل النهروان حين قتلوا عامله خباب بن الأرت سلموا إلي قاتله قالوا : كلنا قتله قال : فاستسلموا إذن أقد منكم ، وسار إليهم فقتل أكثرهم .
وقتل المغيرة بن شعبة سبعة بواحد .
وقال ابن عباس : إذا قتل جماعة واحداً قتلوا به ولو كانوا مائة .
وهذا قول أربعة من الصحابة فيهم إمامان عملا بما قالا به فلم يقابلهم قول معاذ ابن الزبير وصار ربيعة وداود خارجين من قول الفريقين بإحداث قول ثالث خالف فيه الفريقين فصارا مخالفين للإجماع ، لأن من أحدث قولاً ثالثاً بعد قولين أحدث قولاً ثانياً بعد أول ، ولأن قتل النفس أغلظ من هتك العرض بالقذف فلما حد الجماعة بقتل الواحد ، كان أولى أن يقتلوا بقتل الواحد .
ولأن كل واحد من الجماعة ينطلق اسم القتل عليه فوجب أن يجري عليه حكمه كالواحد ، ولأن ما وجب في قتل الواحد لم يسقط في قتل الجماعة كالدية .
فأما قوله تعالى : ( النفس بالنفس ) وقوله : ( الحر بالحر ) [ المائدة : 45 ] فمستعمل في الجنس لأن النفس تنطلق على النفوس ، والحر ينطلق على الأحرار ،