الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص25
فيوقف نسبه على البيان ، بالقافة أو الانتساب ، فإن قتل بعد البيان أقيد به غير أبيه ، وإن قتل قبل البيان فلا قود على واحد منهما ، سواء بان من بعد أنه أب أو غير أب ؛ لثبوت الشبهة حال القتل .
إحداهما : أن يكون من القاتل .
والثانية : أن يكون من غيره .
فإن كان من القاتل سقط القود عنه ؛ لأن وارثها ابن قاتلها ، وإذا لم يثبت للابن على أبيه قود في حق نفسه لم يثبت عليه بإرثه عن غيره ، ولو كان الزوج قد قذفها قبل القتل سقط عنه حد القذف إذا ورثها ابنه ؛ لأن الابن لما لم يستحق عليه الحد في قذف نفسه ؛ فكذلك لا يستحقه بإرثه عن غيره ، وإن كان ولد المقتولة من غير القاتل ثبت له على القاتل القود وحد القذف ؛ لأنه لا نسب له بينهما ؛ ولا بعضية .
ولو تركت المقتولة ولدين أحدهما من القاتل والآخر من غيره ، ورثها الولدان معاً ، وسقط عن الزوج القود ، ولم يسقط عنه حد القذف ، لأن القود في حق ابنه قد سقط فسقط في حق الآخر منهما ، كما لو عفى أحد الوليين عن القاتل سقط القود في حق الآخر ولا يجوز لأحد الوليين أن يستوفيه .
وحد القذف بخلافه لأن عفو أحد الوارثين عنه لا يوجب سقوط حق الآخر منه ، ويجوز لأحدهما أن يستوفه فافترقا فيه ويتصل بهذا الموضع فروع قدمناها في كتاب الفرائض .
قال الماوردي : وإذا مضى الكلام في الايقاد من الأكمل بالأنقص فلا يمنع أن يقاد من الأنقص بالأكمل فيجوز أن يقتل الكافر بالمسلم ، وإن لم يجز أن يقتل المسلم بالكافر ، ويجوز أن يقتل العبد بالحر ، وإن لم يجز أن يقتل الحر بالعبد ، ويجوز أن يقتل الولد بالولد ، وإن لم يجر أن يقتل الوالد بالولد ؛ لأن أخذ الأنقص بالأكمل اقتصار على بعض الحق ، وأخذ الأكمل بالأنقص استفضال على الحق فيجوز الاقتصار فيه ، ومنع من الاستفضال عليه ؛ فلو بذل الأكمل نفسه بالأنقص فبذل الحر نفسه بقتل العبد ، وبذل المسلم نفسه بقتل الكافر ، وبذل الوالد نفسه بقتل الولد ؛ لم يجز أن يقاد من واحد منهم ؛ لأن القود إذ لم يجب لم يستبح بالبذل ؛ كما لو بذل نفسه أن يقتل بغير قود لقول الله : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] .