الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص20
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا قتل العبد بجناية أو مات في يدها منه ففيه قيمة ما بلغت ، وإن زادت على دية الحر ضعافاً ، وهو قول جمهور أهل الحجاز ، وبه قال من العراقيين سفيان الثوري وأبو يوسف وأحمد وإسحاق .
وقال أبو حنيفة ومحمد : يضمن في اليد جميع قيمته ما بلغت ، ويضمن في الجناية بقيمته إلا أن تبلغ دية حر أو تزيد عليها فتنتقض عن دية الحر عشر دراهم حتى لا يساويه في ديته .
وإن كانت أمة قد زادت قيمتها على نصف الدية نقصت عنها عشرة دراهم .
وقيل : خمسة دراهم ؛ لأن لا تساوي دية الحر استدلالاً بأنه آدمي مضمون بالجناية فلم يضمن بأكثر من دية حر كالحر ، ولأنه يضمن بالجناية ضمان النفوس لوجوب الكفارة فيه فوجب أن يضمن بمقدر كالأطراف ، ولأن نقصه بالرق يمنع من كمال بدله كالناقص القيمة ، وهو معنى قول أبي حنيفة : لا أوجب في المملوك مما أوجب في المالك .
ودليلنا قول الله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة : 194 ] والمثل في الشرع مثلان : مثل يفي الصورة ، ومثل في القيمة فإذا لم يعتبر المثل في الصورة اعتبر في القيمة ما بلغت ، ولأن حرمة الآدمي أغلظ من حرمة البهيمة ، ثم كانت البهيمة مضمونة بجميع قيمتها فكان أولى أن يضمن العبد بجميع قيمته .
وتحريره قياساً بأحد معنيين : أن تقول في أحدهما : إنه مملوك مضمون فوجب أن لا تتقدر قيمته كالبهيمة .
والثاني : أن ما لم يتقدر أقل قيمته لم تتقدر أكثرها كالبهيمة ، ولأن ضمان العبد بالجناية أغلظ من ضمانه باليد ، ثم كان في اليد مضموناً بجميع قيمته فكان أولى أن يضمن في الجناية بجميع قيمته . ويتحرر منه قياسان أحدهما : أنه أحد نوعي الضمان فوجب أن يستوفي به قيمة المضمون كالضمان باليد .
والثاني : أن ما ضمنت قيمته باليد ضمنت قيمه بالجناية كالناقص القيمة ، ولأن العبد متردد الحال بين أصلين :
أحدهما : الحر لأنه آدمي مكلف يجب في قتله القود والكفارة .