پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص17

قال الماوردي : لا يقتل الحر بعبده وبعبد غيره .

وقال أبو حنيفة : يقتل الحر بعبد غيره ، ولا يقتل بعبد نفسه استدلالا بعموم قول الله تعالى : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) [ المائدة : 45 ] ورواية علي بن أبي طالب عليه السلام : أنه قال : المسلمون بتكافؤ دماؤهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم فاعتبر المكافأة بالإسلام وقد استوى الحر والعبد فيه فوجب أن يتكافأ دمهما ، ويجري القود بينهما ، ومن الاعتبار أن كل من قتل بالحر قتل به الحر كالحر ، ولأن الرق مؤثر في ثبوت الحجر ، وما ثبت به الحجر يمنع من استحقاق القود على من ارتفع عنه الحجر كالجنون والصغر ، ولأنه لما جاز أن يقتل به الحر دفعاً جاز أن يقتل به قوداً .

ودليلنا قوله تعالى : ( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد ) [ البقرة : 178 ] فاقتضى هذا الظاهر أن لا يقتل حر بعبد .

وروى سليمان بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يقتل حر بعبد ‘ .

ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهذا نص لا يسوغ خلافه .

وروى إسرائيل عن جابر عن عامر عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال : ‘ من السنة ألا يقتل مسلم بكافر ، ومن السنة ألا يقتل حر بعبد ‘ يعني : سنة رسول الله ( ص ) ، وهذا يقوم مقام الرواية عنه ، وليس له في الصحابة مخالف ، فصار مع السنة إجماعاً ، ومن الاعتبار أن حرمة النفس أغلظ من حرمة الأطراف ، فلما لم يجب القود بينهما في الأطراف ، فأولى أن لا يجري بينهما في النفس .

وتحريره قياساً أن كل شخصين امتنع القود بينهما في الأطراف امتنع في النفس كالوالد مع ولده طرداً ، وكالحربي عكساً ، ولأن كل قود سقط بين المسلم والكافر المستأمن سقط بين الحر والعبد كالأطراف .

فإن قيل : الأطراف تعتبر فيها المماثلة لأنه لا تؤخذ السليمة بالشلاء المريضة ، ولا تؤخذ الأيدي بيد واحدة ، والمماثلة غير معتبرة في النفوس لقتل الصحيح بالمريض ، والجماعة بالواحد ، فكذلك جرى القود بين الحر والعبد في النفس ، وسقط في الأطراف .

قيل : هما عندنا سواء ، والمماثلة المعتبرة فيهما واحدة ؛ لأننا نقطع الأيدي بيد