الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص13
أحدهما : أن قوله : ‘ لا يقتل مؤمن بكافر ‘ يقتضي عموم الكفار من المعاهدين ، وأهل الحرب فوجب حمله على عمومه ولم يجز تخصيصه بإضمار وتأويل ، وقوله : ‘ ولا ذو عهد في عهده ‘ كلام مبتدأ أي : لا يقبل ذو العهد لأجل عهده ، وأن العهد من قبله حقنا لدماء ذوي العهود .
والجواب الثاني : أن قوله ‘ لا يقتل مؤمن بكافر ‘ محمول على العموم في كل كافر من معاهد وحربي .
ولا ذو عهد في عهده محمول على الخصوص في أنه لا يقتل بالحربي ، وإن قتل بالمعاهد لأنه ليس تخصيص أحد المذكورين موجباً لتخصيص الآخر .
ويدل على ذلك ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لو كنت قاتلاً مسلماً بكافر لقتلت خداماً بالهذلي ‘ ولو جاز قتله ببعض الكفار دون بعض غيره ولم يطلقه ، ويدل عليه من طريق الاعتبار أن المسلم لما لم يقتل بالمستأمن لم يقتل بالذمي .
وللجمع بينهما ثلاث علل :
إحداهن : أنه منقوض بالكفر ؛ فوجب إذا قتله مسلم أن لا يقاد به كالمستأمن .
والعلة الثانية : أن من لم يمنع دينه من استرقاقه لم يقتل به من منع دينه من استرقاقه كالمستأمن .
فإن قيل : هذا منتقض بالكافر إذا قتل كافراً ثم أسلم القاتل فإنه يقتل به ، وإن كان مسلماً فعنه جوابان :
أحدهما : أن في شرط العلة إذا قتله مسلم ، وهذا قتله وهو كافر ، فلم تنتقض به العلة .
والثاني : أن التعليل للجنس فلا تنتقض إلا بمثله .
فإن قيل : المستأمن ناقص الحرمة ؛ لأن دمه محقون إلى مدة بخلاف الذمي فإنه تام الحرمة ، محقون الدم على التأبيد ، فأشبه المسلم فعنه جوابان :
أحدهما : أن اختلاف الحرمتين في المدة لا يمنع من تساويهما في الحكم مع بقاء المدة ، ألا ترى أن تحريم الأجنبية مؤقت ، وتحريم ذات المحرم مؤبد ، وقد استويا في وجوب الحد في الزنا كذلك ها هنا .
والثاني : أن للنفس بدلين القود والدية ، فلما لم يمنع اختلافهما في الحرمة من تساويهما في الدية لم يمنع من تساويهما في القود ؛ ولأن حد القذف يجب بهتك حرمة