الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص9
وبه قال عطاء استدلالاً بقول الله تعالى : ( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) [ البقرة : 178 ] فلما لم يتكافأ الأحرار والعبيد لم يتكافأ الذكور والإناث ، ولأن تفاضل الديات تمنع من التماثل في القصاص كما يمنع تفاضل القيم في المتلفات من التساوي في الغرم .
ودليلنا قول الله تعالى : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) [ المائدة : 45 ] فعم من غير تخصيص .
وروى أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي ( ص ) كتب كتاباً إلى أهل اليمن فيه الفرائض ، والسنن وأنفذه مع عمرو بن حزم ، وكان فيه ‘ يقتل الذكر بالأنثى ‘ وهذا نص .
وروى قتادة عن أنس بن مالك أن يهودياً مر بجارية عليها حلي لها ، فأخذ حليها ، وألقاها في بئر فأخرجت وبها رمق ، فقيل : من قتلك ؟ قالت : فلان اليهودي ، فانطلق به إلى رسول الله ( ص ) فاعترف فأمر به فقتل .
ولأن الأحكام ضربان : ضرب تعلق بحرمة كالحدود فيستوي فيه الرجل والمرأة ، وضرب تعلق بالمال كالميراث ؛ فتكون المرأة فيه على النصف من الرجل والقود متعلق بالحرمة فاستوت فيه المرأة والرجل .
والدية متعلقة بالمال فكانت المرأة فيه على النصف من الرجل .
ولأن القصاص إن وجب فبذل المال معه لا يجب وإن لم يجب القصاص فبذل المال لا يجب .
فأما قوله : ( والأنثى بالأنثى ) فليس يمنع قتل الأنثى بالأنثى من قتل الذكر بالأنثى ؛ لأن الحكم المعلق بعين لا يقتضي نفيه عما عداها .
وأما اختلاف الديات فلا يمنع من التماثل في القصاص كتفاضل الديات بين أهل الكتاب والمجوس وهم متساوون في القصاص .
روي عن النبي ( ص ) ‘ المسلمون تتكافأ دماؤهم ‘ وقال ( ص ) ‘ ائتوني بأعمالكم ولا تأتوني بأنسابكم ‘ .