پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص7

[ المائدة : 45 ] له فيه تأويلان :

أحدهما : فهو كفارة له للمجروح وهو قول الشعبي .

والثاني : فهو كفارة للجارح ؛ لأنه يقوم مقام أخذ الحق منه وهو قول ابن عباس .

فإن قيل : فهذا إخبار عن شريعة من قبلنا ، وهي غير لازمة لنا .

قيل : في لزومها لنا وجهان :

أحدهما : يلزمنا ما لم يرد نسخ .

والثاني : لا يلزمنا إلا أن يقوم دليل ، وقد قام الدليل بوجوب ذلك علينا من وجهين :

أحدهما : أنه قد قرأ أبو عمرو ( والجروح قصاص ) [ المائدة : 45 ] بالرفع وهذا خارج عن الخبر إلى الأمر .

والثاني : ما روى حميد عن أنس قال : كسرت الربيع بنت مسعود وهي عمة أنس ثنية جارية من الأنصار ، فطلب القوم القصاص فأتوا النبي ( ص ) ، فأمر بالقصاص فقال أنس بن النضر ، عم أنس بن مالك : لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله .

فقال رسول الله ( ص ) : كتاب الله القصاص ‘ فرضى وقبلوا الأرش فقال رسول الله ( ص ) : ‘ إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبر قسمه ‘ ذكره البخاري في الصحيح .

فموضع الدليل من أنه أخبر بأن كتاب الله موجب للقصاص في السن ولم يذكره إلا في هذه الآية فدل على لزومها لنا ، ويدل على وجوب القصاص من السنة ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وأنا والله عاقله ، فمن قتل قتيلاً فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل ‘ .

وروي عن البني أنه قال : ‘ من قتل قتيلاً فهو به بسواء ‘ يعني سواء فإذا ثبت وجوب القصاص ، وهو معتبر بالتكافئ على ما سنذكره تعلق بالقتل حقان :

أحدهما : لله .

والثاني : للمقتول .

فأما حق الله فشيئان الكفارة والمأثم .