پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص6

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال في حجة الوداع : إلا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حراماً عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا اللهم اشهد ‘ .

( فصل )

فإذا ثبت تحريم القتل بالكتاب والسنة مع انعقاد الإجماع وشواهد العقول فالقصاص فيه واجب لقول الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان [ البقرة : 178 ] يعني أن العفو عن القود يوجب استحقاق الدية ، يطالب بها الولي بمعروف ، ويؤديها القاتل إليه بإحسان ، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ، يعني : التخيير بين القصاص والدية ، تخفيف من الله تعالى على هذه الأمة ؛ لأن قوم موسى عليه السلام أوجب عليهم القصاص دون الدية ، وقوم عيسى عليه السلام أوجب عليهم الدية دون القصاص ، وخيرت هذه الأمة بين الأمرين ، فكان تخفيفاً من الله تعالى ورحمة وقال : ( ولكم في القصاص حياة ) [ البقرة : 179 ] لأن القصاص وإن لم يكن في استيفائه حياة فوجوبه سبب للحياة ، لأن القاتل إذا علم بوجوب القصاص عليه كف عن القتل ، ولم يقتص منه فصار حياة لهما ، وهذا من أوجه كلام وأوضح معنى .

وقيل : إنه في التوراة : يا بني إسرائيل لاتقتلوا تقتلوا ، وبين المعنيين فرق إذا سبر ، وتعاطت العرب مثل ذلك ، فقالوا : القتل أنفى للقتل ، وكان لفظ القرآن أفصح ، ومعناه : أوضح وكلامه أوجز ، وقال : ( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً ) [ الإسراء : 33 ] فيه تأويلان :

أحدهما : أنه القصاص ، وهو قول قتادة .

والثاني : أنه الخيار بين القصاص والدية ، أو العفو عنهما ، وهو قول ابن عباس فلا يسرف في القتل فيه تأويلان :

أحدهما : أن يقتل غير قاتله ، وهو قول طلق بن حبيب . والثاني : يمثل به إذا اقتص وهو قول ابن عباس .

وتأوله سعيد بن جبير وداود تأويلاً ثالثاً : أن يقتل الجماعة بالواحد . ( إنه كان منصوراً ) فيه تأويلان :

أحدهما : أن الولي كان منصوراً بتمكينه من القصاص وهو قول قتادة .

والثاني : أن المقتول كان منصوراً بقتل قاتله ، وهو قول مجاهد ، وقال : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) إلى قوله ( فهو كفارة )