الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص3
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الماوردي : الأصل في ابتداء القتل وتحريمه ما أنزل الله جل اسمه على رسول الله ( ص ) من قصة ابني آدم عليه السلام هابيل ، وقابيل ، حتى بلغ الأمة وأنذرها فقال : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) [ المائدة : 27 ] يعني بالصدق ، ويريد بابني آدم قابيل القاتل ، وهابيل المقتول ( إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ) [ المائدة : 27 ] وسبب قربانهما أن آدم أقر أن يزوج كل واحد من ولده بتوأمة أخيه ، فلما هم هابيل أن يتزوج بتوأمة قابيل منعه منها ، وقال : أنا أحق بها منك .
وفي سبب هذا القول منه قولان :
أحدهما : لأن قابيل وتوأمته كانا من ولادة الجنة ؛ وهابيل وتوأمته كانا من ولادة الأرض ، .
والثاني : لأن توأمة قابيل كانت أحسن من توأمة هابيل فاختصما إلى آدم فأمرهما أن يقربا قرباناً ، وكان هابيل راعياً فقرب هابيل سمينة من خيار ماله ، وكان قابيل حراثاً ، فقرب حزمة زرع ، فنزلت نار من السماء فرفعت قربان هابيل ، وتركت قربان قابيل ، وكان ذلك علامة القبول فازداد حسد قابيل لهابيل ، فقال : ‘ لأقتلنك ‘ قال : ( إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ) [ المائدة : 27 ، 28 ] فلم يمنع عن نفسه ؛ لأنه لم يؤذن له في المنع منها وهو مأذون فيه الآن ؛ وفي وجوبه للفقهاء قولان ( فطوعت له نفسه قتل أخيه ) [ المائدة : 30 ] فيه تأويلان :
أحدهما : شجعت قاله مجاهد .
والثاني : زينت قاله قتادة .
فقتله ( فقتله ) [ المائدة : 30 ] قيل : بحجر شرخ به رأسه ( فأصبح من