الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص526
قال الماوردي : الحكم في نفقة العبد مشتمل على قسمين :
أحدهما : في مقدارها .
والثاني : في جنسها .
فأما مقدارها فيعتبر بالكفاية فيما يقتاته أمثاله في الغالب وليس بمقدر ، بخلاف الزوجات ، لأن نفقة الزوجات معاوضة وهذه مواساة فتعتبر بالأغلب من أوساط الناس ، فإن من الناس زهيد يكتفي بالقليل وهو نادر ، ومنهم رغيب لا يكفيه إلا الكثير وهو نادر ، ولا اعتبار فيه بالنادرين في القلة والكثرة ، ويعتبر وسط الطرفين فيكون هو المقدار الذي يستحقه العبد ، وقد يختلف ذلك على وجهين :
أحدهما : بالصغر والكبر ، فإن للصغير منه مقدار لا يكتفي به الكبير ، وللكبير مقدار لا يستحقه الصغير ، فيعطي كل واحد منهما بحسب حاله .
والثاني : أن يختلف مقداره بعرف البلاد ، فإن أهل الحجاز يكتفون بالقليل وأهل العراق يتوسطون ، والأعاجم وأهل الجبال يكثرون ، فلو أعطاه المقدار المعتبر في العرف المتوسط لم يخل فيه من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون وفق كفايته فقد ملكه : ولي للسيد أن يسترجعه ، وللعبد أن يأكله متى شاء إذا تاقت نفسه إليه في مرة أو مرتين أو مرار ، فإن أراد السيد أن يبدله بغيره في وقت أكله لم يجز وإن كان قبله جاز ليعتبر فيه حقه عند الأكل ، وعندي إن كان إبداله يؤخر أكله لم يجز وإن لم يؤخر جاز .
والحال الثانية : أن يكون أكثر من كفايته ، لأنه زهيد مقلل فللسيد استرجاع الفاضل منه لأنه من كسبه ، وليس للعبد أن يهبه ولا أن يتصدق به إلا عن إذنه .
والحال الثالثة : أن يكون أقل من كفايته ، لأنه رغيب مكثر فينظر فيه فإن كان اقتصاره على القدر المتوسط غير مؤثر في بدنه وقوته لم يلزم السيد أن يزيد عليه ، وإن كان مؤثراً في بدنه وقوته لزم أن يتم له مقدار كفايته وإن ندرت لأن عليه حراسة نفسه .