الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص523
والثاني : يقرع بينهما ولا يخير ويستحقه من قرع منهما .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا انتقل الأب عن وطن الأم لاستيطان غيره من البلاد يكون بولده أحق من أمه سواء كان رضيعاً في زمان الحضانة أو فطيماً في زمان الكفالة ، وهكذا لو أقام الأب وانتقلت الأم ، كان الأب أحق بالولد منها سواء كانت بلده أو بلدها .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : إن انتقلت الأم إلى بلدها الذي نكحها فيه فهي أحق به ، وإن انتقلت إلى غيره ، فالأب أحق به ، وهذا ليس بصحيح ، لأن حفظ نسبه مختص بأبيه دون أمه ، وهو أولى بمصالحه لثبوت التوارث به ، ولو خرج لسفر حاجة فالأمر على حقها من كفالته ، وليس له أن يسافر به لما يناله من شقاء السفر وكثرة الحظر فلو اختلفا في السفرن فقال الأب أريده للنقل في الاستيطان وقالت الأم : بل تريده للحاجة فالقول قول الأب مع يمنيه لأنه لا يعرف عزمه إلا من جهته وإذا أراد أن يستنيب في كفالة ولده جاز .
ولو أرادت الأم الاستنابة لم يجز ، لاختصاص الأب بالمراعاة ، وهي تمكنه من الاستنابة واختصاص الام بمباشرة التربية ، وهي معقودة مع الاستنابة .
قال الماوردي : يعني أن العصبة بعد الأب يقومون مقامه إذا انتقلوا في إخراجه معهم لحفظ نسبه بهم ، كالأب ، فإن انتقل بعضهم وأقام بعضهم ، فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن ينتقل أباعدهم ويقيم أقاربهم فالمقيمون أولى .
والثاني : أن ينتقل أقاربهم ويقيم أباعدهم فالمنتقلون أولى به .
والثالث : أن يتساووا في الدرجة قرباً وبعداً فالمقيمون أولى به من المتنقلين لاستوائهم في حفظ نسبه وحصول الدعة بإقامته .