الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص508
من ذوات الخفر فتمنع من البروز ليلاً ونهاراً لتألف الصيانة ولأبيها إذا أراد زيارتها أن يدخل عليها مشاهداً لها ومتعرفاً لخبرها ، لتألفه ويألفها ، ولا يطيل ، وليكن مع الأم عند دخول الأب لزيارة بنته ذو محرم أو نساء ثقات لتنتفي ريبة الخلوة بعد تحريم الطلاق .
والحال الثانية : أن تختار أباها فتكون معه وعنده ليلاً ونهاراً فإن أرادت الأم زيارتها دخلت عليها ولزم الأب أن يمكنها من الدخول عليها ولا يمنعها فتوله والدة على ولدها ، وقد نهى عنه ، وينظر حال الأب عند دخول الأم على بنتها ، فإن كان خارجاً جاز أن تدخل الأم وحدها ، وإن كان مع بنته في داره لم تدخل إلا مع امرأة ثقة لينتفي عنهما التهمة ، ولا يحصل بينها وبين من حرمت عليه خلوة ، وليس للأم إذا أرادت زيارتها أن يخرجها إليها ، لأنها من ذوات الخفر فتمنع من الخروج حتى لا تألف التبرج .
فإن قيل : فالأمر بهذه الحالة ، فكيف تكون هي الخارجة إلى بنتها ولا تكون البنت خارجة إليها .
قيل : لأن الحذر على البنت أكثر وحالها في الصغر أخطر .
قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا مرضت الأم وجب على الأب إخراج بنتها لتزورها زيارة العائد ، ولئن كانت ممنوعة من البروز لتألف الخفر ، فهذه حالة ضرورة يتسع حكمها ، وتعود البنت إلى منزل أبيها بعد تقضي زمان العيادة ، لأنه ليس فيها مع الصغر فاضل لتمريض الأم ، فانصرفت بعد العيادة ، فإن ماتت الأم أقامت عندها حتى توارى ومنعها من اتباع جنازتها وزيارة قبرها لما فيها من التبرج ، لقول النبي ( ص ) : ‘ لعن الله زورات القبور ‘ فلو مرضت البنت في منزل أبيها كانت الأم أحق بتمريضها من الأب لأمرين :
أحدهما : أن النساء بتعليل المرض أقوم من الرجال .
والثاني : انها تصير بضعف المرض كالعائدة إلى حال الصغر ، والأم أحق بها في صغرها من الأب فإذا أرادت الأم تمريضها فالأب فيها بين خيارين : إما أن ينقلها إلى منزل الأم ، لتقوم بتمريضها فيه فإذا برأت عادت إليه ، وليس لها منع الأب من الدخول لعيادة بنته ، وإما أن يفرد لها في منزله موضعاً تخلو لتمريضها فيه ، وليكن بينهما من