الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص506
أحدها : أن يختار أحدهما فيكون من اختاره أحق بكفالته أبا كان أو أماً .
والحال الثانية : أن يختارهما فلا يجتمعان فيه مع التنازع ، ويقرع بين الأبوين فأيهما قرع كان أحق بكفالته ، لأنه قد ترجح بالقرعة مع التساوي في الاختيار .
والحال الثالثة : ألا يختار واحداً منهما ، ففيه وجهان :
أحدهما : يقرع بينهما ، ويكفله من قرع منهما .
والوجه الثاني : أن الأم أحق بكفالته لاستحقاقها لحضانته وإن لم يختر غيرها لكفالتها ، وهو أشبه .
وأما القسم الثاني : وهو أن يتدافعا كفالته ويمتنعا منها ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون بعدهما من يستحق كفالته كالجد بعد الأب والجدة بعد الأم ، فيخرجان بالتمانع منها وتنتقل الكفالة إلى من بعدهما ويخير الولد بينهما إذا تكافأت أحوالهما ، لأن حق الولد بتمانع الأبوين محفظ بغيرهما .
والضرب الثاني : أن لا يكون بعدهما مستحقاً لكفالته لتفرد الأبوين به ففيه وجهان :
أحدهما : يكون الولد على خياره ويجبر من اختاره على كفالته ؛ لأن في الكفالة حقاً لهما وحقاً عليهما ، فإذا سقط بالتمانع حقهما لم يسقط به حق الولد عليهما ولو كان هذا التمانع في وقت الحضانة وقبل الانتهاء إلى وقت التخيير في الكفالة أقرع بينهما ، وأجبر عليها من قرع منها ، لقول الله تعالى : ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) [ آل عمران : 44 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : أنهم اختصموا تنازعاً لكفالتهما فتساهموا عليها .
والثاني : أنهم اختصموا تدافعاً لكفالتها فاستهموا فدل على دخول القرعة في الحالين عند التنازع والتدافع .
والوجه الثاني : أنه يجبر عليها من وجبت عليه النفقة منهما لوجوبها عليه لقوة سببه .
وأما القسم الثالث : وهو أن يسلم أحدهما كفالته إلى الآخر فيكون من سلم إليه أحق بكفالته ، ويسقط تخيير الولد فيها فإن عاد بعد التسليم مطالباً بها عاد إلى حقه منها ، فإن تنازعا بعد عوده فالقسم الأول . ولو جعلت الكفالة لأحدهما باختيار الولد فدفعها عن نفسه إلى الآخر ، فإن دفعها الآخر عن نفسه فكالقسم الأول وإن قبلها فكالقسم الثالث والله أعلم .