پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص479

فيهما شروط الالتزام ، فإن أعسر الأب بها أو مات فقد اختلف الفقهاء فيمن تجب عليه بعد الأب على أربعة مذاهب .

أحدها : وهو مذهب الشافعي أنها تجب على الجد أبي الأب ثم أباؤه وإن علون دون الأم . سواء مات الأب أو أعسر ، ثم تنتقل بعدهم إلى الأم .

والثاني : وهو مذهب مالك أنها لا تجب على الأم ولا على الجد ، سواء مات الأب أو أعسر ؛ لبعد نسب الجد وضعف النساء عن التحمل .

والثالث : وهو مذهب أبي يوسف ومحمد أنه إن أعسر الأب تحملتها الأم لترجع بها عليه إذا أيسر وإن مات الأب كانت على الجد دون الأم .

والرابع : وهو مذهب أبي حنيفة أنها تجب في موت الأب وإعساره على الجد والأم أثلاثاً كالميراث ، ثلثها على الأم وثلثاها على الجد . استدلالا بقول الله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) الآية إلى أن قال ( وعلى الوارث مثل ذلك ) يعني مثلما كان على الأب من رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، والأم والجد وارثان فوجب أن يشتركا في تحمل ذلك كاشتراكهما في الميراث وهذا نص .

ودليلنا هو : أن الجد ينطلق عليه اسم الأب فانطلق عليه حكمه قال تعالى : ( يا بني آدم ) [ الأعراف : 26 ] فسمانا أبناء وسمى آدم أباً ، وقال عز وجل ( ملة أبيكم إبراهيم ) [ الحج : 78 ] فسماه أباً وإن كان جداً بعيداً ، ولأنه لما قام الجد مقام الأب في الولاية واختص دون الأم بالتعصيب وجب أن يقوم مقامه في التزام النفقة ، فأما الآية فلا دليل فيها لاختلاف أهل التأويل في المراد بالوارث هاهنا على ثلاثة أقاويل :

أحدها أنه المولود يلتزم نفقة أمه بعد موت أبيه كما التزمها أبوه ، وهو قول قبيصة بن ذؤيب وعلى هذا التأويل يسقط الدليل .

والثاني : أنه أراد وارث الأب فعلى هذا الجد الذي هو أبوه أخص بميراثه نسباً من الأم هي زوجته فسقط الدليل . والثالث : وارث المولود فعلى هذا يكون المراد بقوله مثل ذلك ما حكاه الشافعي عن ابن عباس وتابعه عليه الزهري والضحاك في أن لا تضار والدة بولدها فسقط الاستدلال بها على التأويلات كلها .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا من وجوبها على الجد دون الأم فهي بعد الجد على آبائه وإن بعدوا دون الأم ، ولا تنتقل إلى الأبعد إلا بعد موت الأقرب أو عسرته ، فإذا عدموا أو أعسروا انتقل وجوبها إلى الأم .

قال مالك : لا تجب على الأم ولا مدخل للنساء في تحمل النفقات لقول الله