پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص454

( باب الرجل لا يجد نفقة من كتابين )
( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ لما دل الكتاب والسنة على أن حق المرأة على الزوج أن يعولها احتمل أن لا يكون له أن يستمتع بها ويمنعها حقها ولا يخليها تتزوج من يغنيها وأن تخير بين مقامها معه وفراقه وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا وهذا يشبه ما وصفت . وسئل ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قيل له فسنة ؟ قال سنة والذي يشبه قول ابن المسيب سنة أن يكون سنة رسول الله ( ص ) ‘ .

قال الماوردي : أما إعسار الزوج بنفقة الموسر وهي مدان وقدرته على نفقة المعسر وهي مد فلا يوجب للزوجة خياراً وإن كانت من ذوي الأقدار ، وهذا مجمع عليه ، وأما إعساره بنفقة المعسر وهي مد حتى عجز عنه ولم يقدر عليه فقد اختلف فيه هل تستحق به الزوجة خيار الفسخ أم لا . فذهب الشافعي إلى أن لها الخيار بين مقامها معه على إعساره لتكون النفقة ديناً لها عليه ترجع بها إذا أيسر وبين فسخ نكاحه عند الحاكم ، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة رضوان الله عليهم ، ومن التابعين سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح .

ومن الفقهاء حماد بن أبي سليمان وربيعة بن عبد الرحمن ومالك بن أنس ، وأحمد ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة : لا خيار لها وعليها الإنظار إلى وقت يساره ، وبه قال من التابعين : الزهري ، وعطاء بن يسار ، ومن الفقهاء الكوفيين ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وأبو يوسف ومحمد . استدلالاً بقوله تعالى : ( وإن كان ذو عسرة فنظره إلى ميسرة ) [ البقرة : 280 ] فكان على عمومه في وجوب إنظار كل معسر بحق ، وبقوله تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله ) [ النور : 32 ] ، فندب الفقراء إلى النكاح فلم يصح أن يندب إليه من يستحق عليه فسخه ، ولأن الصداق بعد الدخول أوكد لتقدمه وقوته ثم لم تستحق به الفسخ فلأن لا تستحق الفسخ بالنفقة التي هي أضعف أولى .