پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص453

والثاني : أن نفقة الزوجية لا تتبعض ، لأنها لا تجب على زوجين فوجب ألا تتبعض باختلاف الحكمين ، فلم يبق فيها من الأقوال إلا أن يغلب فيها حكم الرق مع كثرة أحكامه وقوة شواهده ، أما استشهاده بما نص عليه الشافعي في إطعامه في الكفار فقد اختلف أصحابنا في الجواب عن نصه على ثلاثة أوجه :

أحدهما : أنه قال ذلك على مذهبه في القديم . أن العبد يملك إذا ملك فصار بالتمليك في حكم من عتق جميعه . فأما على قوله في الجديد إنه لا يملك إذا ملك فلا يكفر إلا بالصيام .

والثاني : أن السيد يحمل عنه الكفارة فلم يجز أن يكفر عنه إلا بالإطعام دون الصيام . لأن الصيام لا يصح فيه التحمل ويصح في الإطعام .

والثالث : أن يغلب فيه حكم الحرية على الأحوال ، لأنه لما لم يجز أن يتبعض بخروجه عن المنصوص عليه في الكفارة ووجب رده إلى تغليب أحد الأمرين كان تغليب الحرية فيه أولى من تغليب الرق ، لأن من فرضه الإطعام لا يجوز أن يكفر بالصيام ، ويجوز لمن فرضه الصيام أن يكفر بالإطعام ، وهذا يمنع من رد نفقات الزوجات إلى التبعيض ويوجب تغليب أحد الحكمين وهو بخلاف ما قاله المزني فلم يصح استشهاده به .

وأما استشهاده بزكاة الفطر في تبعيضها فيدفعه زكاة المال في تغليب الرق في إسقاطها ، ثم الفرق بين زكاة الفطر ونفقة الزوجة أن زكاة الفطر تتبعض في التزام الشركاء لها ، ونفقة الزوجية لا تتبعض لاستحالة أن يتحملها زوجان مشتركان ، وأما استشهاده بأنه يتبعض في ميراث ماله ، فالجواب عنه أن الشافعي لم يختلف قوله إنه لا يرث واختلف قوله هل يورث على قولين :

أحدهما : وهو قوله في القديم : وبه قال مالك إنه لا يورث لم يرث ، ويكون جميع ماله لسيده تغليباً لحكم الرق فعلى هذا يسقط الاستشهاد به .

والثاني : وهو قوله في الجديد أنه يورث بقدر حريته وإن لم يرث بها ، لأنه ليس يمتنع أن يورث من لا يرث ، لأن الجنين إذا سقط ميتاً بجانية كان موروثاً ولم يكن وارثاً ، ثم لا دليل فيه على تبعيض نفقة الزوجة ، لأن الميراث يتبعض ونفقة الزوجة لا تتبعض والله أعلم .