الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص452
موسر وذلك مد فيصير عليه لزوجته مد ونصف ، استدلالاً بثلاثة أمور :
أحدها : أن الشافعي قد أوجب عليه في كتاب الأيمان أن يكفر بالإطعام دون الصيام إثباتاً لحكم الحرية فكذلك في النفقة .
والثاني : أنه لما كان في زكاة الفطر ملتزماً لنصف زكاته بنصف حريته والسيد نصفها بالنصف من رقه ولم يغلب حكم الرق في إسقاطها عنه كذلك في النفقة .
والثالث : أنه لما كان مورثاً إذا مات بقدر حريته ولم يسقط الميراث تغليباً لرقه وجب أن يكون في النفقة بمثابته .
وهذا الذي ذهب إليه المزني فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه في أحكام الزوجية يغلب حكم رقه على حريته ، فلا يملك من الطلاق إلا اثنتين ولا ينكح إلا زوجتين ، وكذلك في النفقة يغلب حكم الرق ، ولو جاز أن تتبعض النفقة بقدر حريته ورقه حتى يلتزم مداً ونصفاً ، لملك من المنكوحات ثلاثاً واحدة بنصفه المسترق واثنتين بنصفه المعتق ، وفي أبطال هذا وتغليب حكم الرق دليل على إبطاله في النفقة تغليباً لحكم الرق .
والثاني : أن أصول الشرع في تبعيض أحكام الحرية والرق تنقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما غلب فيه حكم الرق على الحرية . وهو الجدود والميراث والطلاق . وأعداد المنكوحات وزكاة المال ، وسقوط فرض الحج والجمعة . فيجري عليه فيها أحكام من رق جميعه .
والثاني : ما تغلب فيه الحرية على الرق وذلك ستر العورة في الصلاة على أظهر الوجهين ، وكالإطعام في الكفارة على ما سنذكره من الخلاف فيه .
والثالث : ما يتبعض حكمه بحسب الحرية والرق وذلك الكسب والنفقة وزكاة الفطر ، وإذا اختلفت فيه أصول الشرع كانت نفقات الزوجات محتذية إلى أحد الأصول إلا بدليل . فلم يجز أن يرد إلى ما يغلب فيه حكم الحرية لأمرين : أحدهما : قلة أحكامه وضعف شواهده .
والثاني : انعقاد الإجماع على خلافه ، ولم يجز أن يرد إلى ما يتبعض حكمه لأمرين :
أحدهما : أنه من أحكام الزوجية وهي لا تتبعض فيما عدا النفقة فكذلك في النفقة .