الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص442
قال الماوردي : جملة العبادات التي يحرم الوطء فيها أربعة ، الصلاة ، والصيام ، والاعتكاف والحج ، فبدأ الشافعي بالحج لتغليظ حكمه ، وأنه لا يمكن الخروج منه قبل تمامه مع السفر فيه عن الوطن ، فإذا أحرمت بالحج لم يخل حالها فيه مع الزوج من أحد أمرين إما أن يكون بإذنه ، أو غير إذنه . فإن كان بغير أذنه صارت بالإحرام في حكم الناشز ونفقتها ساقطة عنه سواء أحرمت بتطوع أو واجب . لأن وجوب الحج على التراخي واستمتاع الزوج مستحق على الفور ، وسواء أكان الزوج محلاً يقدر على الإصابة أو كان محرماً لا يقدر عليها ، لأن الاعتبار بحدوث الامتناع من جهتها ، ولا اعتبار بمنع الزوج منها . ألا تراه لو كان مسافراً عنها وتركها في منزله فخرجت منه سقطت نفقتها ، وإن لم يقدر بالغيبة على إصابتها ، وإن أحرمت بإذنه لم يخل حاله من أحد أمرين : إما أن يكون معها أو لا يكون فإن كان معها فلها النفقة ، لأن إذنه لها قد أخرجها من معصيته ، واجتماعها معه قد أخرجها من مباعدته ، وإن لم يكن معها ففي سقوط نفقتها قولان :
أظهرهما : لها النفقة وهو الذي أشار إليه هاهنا ، لأن إحرامها عن إذنه فأشبه إذا كان معها .
والقول الثاني : لا نفقة لها . ذكره في كتاب النشوز . لأنها سافرت عنه فأشبه إذا لم يأذن لها وهكذا حكم العمرة .
وأما اعتكافها فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون في منزلها إذا قيل بجواز اعتكافها فيه فلها نفقتها إذا كان تطوعاً . لأنها لم تبعد عنه ويقدر على إخراجها منه .
والضرب الثاني : أن يكون اعتكافها في مسجد خارج من منزلها . فلا يخلو أن يكون عن إذنه أو غير إذنه . فإن كان عن غير إذنه سقطت نفقتها ، وإن كان عن إذنه وهو معها فلها النفقة ، وإن لم يكن معها فعلى ما مضى من القولين في الحج .
أحدهما : تسقط نفقتها .
والثاني : لا تسقط لما قدمناه من التعليلين .