الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص438
التمكين ، ومن جعل العقد في الوجوب أصلا وجعل حدوث التمكين شرطاً أوجب لها النفقة في أول زمان التأنيث للتمكين إلى أقصى كمال التمكين .
أحدهما : تمكينه من الاستمتاع بها .
والثاني : تمكينه من النقلة معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه وإلى غيره من البلاد إذا كانت السبل مأمونه فلو مكنته من نفسها ولم تمكنه من النقلة معه لم تجب عليه النفقة ، لأن التمكين لم يكمل إلا أن يستمتع بها في زمان الاستمتاع من النقلة ، فتجب لها النفقة ويصير استمتاعه بها عفواً عن النقلة في ذلك الزمان وإن أجابته إلى النقلة ومنعته من الاستمتاع . فإن كان لعذر يحرم معه الاستمتاع كالحيض والإحرام والصيام لم تسقط نفقتها ؛ لأنه محظور عليه بالشرع فصار مستثنى من العقد ، وإن كان الامتناع لغير عذر سقطت نفقتها إذا كان الاستمتاع ممكنا .
أحدها : أن يكون الاستمتاع ممكنا من جهتهما جميعاً ، فيكون الزوج ممن يطأ والزوجة ممن توطأ ، فإذا مكنته من نفسها أو كانت مراهقة غير بالغ فمكنه منها وليها وجبت عليه نفقتها سواء استمتع بها أو لم يستمتع ، لأن الاستمتاع حق له إن شاء استوفاه وإن شاء تركه ، ولو منعه منها أهلها لعدم بلوغها لم تجب نفقتها وإن كانت معذورة ، لأن ما تجب به النفقة معدوم ، فلو بذلت نفسها قبل بلوغها وأكرهت أهلها على تمكينه منها استحقت النفقة ؛ لأن البلوغ غير معتبر في التسليم المستحق كالمبيع إذا سلمه إلى المشتري غير بالغ صح القبض ، فلو كان الزوج غائبا فمكنت من نفسها في حال غيبته فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون قد تسلمها قبل الغيبة فالنفقة لها في زمان الغيبة واجبة لأنها مستديمة لتمكين كامل .
والوجه الثاني : أن لا يوجد التسليم قبل الغيبة فشروعها في التمكين أن تأتي الحاكم فتخبره بعد ثبوت الزوجية عنده بأنها مسلمة نفسها إلى زوجها ، فإذا فعلت كتب حاكم بلدها إلى حاكم البلد الذي فيه زوجها بحضور الزوجة وتسليم نفسها ، فإذا علم الزوج من حاكم بلد بتسليم نفسها إليه فكمال التمكين يكون بأن يمضي على الزوج بعد علمه زمان الاجتماع إما بأن ينتقل إليها وإما بأن ينقلها إليه ، والخيار في ذلك إليه