پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص428

يراعى بعد الدهن حالهم فيما عداه ، فإن كان لهم باللحم عادة اعتبرتها فيهم ، فإن كانوا يأكلون اللحم في كل أسبوع مرة ، أوجبته لها في كل أسبوع مرة واحدة ، والأولى أن يكون في يوم الجمعة ، لأنه عرف من لا يأكل اللحم إلا مرة ، وإن كانوا يأكلونه في كل أسبوع مرتين أوجبته لها مرتين ، إحداهما في يوم الجمعة ، والأخرى في يوم الثلاثاء ، لأنه عرف من يأكله مرتين ، وعلى هذا العبرة في العرف المعتبر فيه ، فأما مقدار اللحم الذي تستحقه فقد قدره الشافعي برطل واحد في اليوم الذي تستحقه فيه ، وليس هذا المقدار عاماً في جميع الناس ، وإنما أعتبر الشافعي عرف بلاده بالحجاز ومصر ، وأما في البلاد التي جرت عادة أهلها أن يتأدم الواحد منهم في اليوم بأكثر من رطل من اللحم فقدره معتبر بعرفهم في الزيادة والنقصان . فإن قيل فلم جعلتم الحب مقدراً لا يعتبر بالعرف وجعلتم الدهن واللحم معتبراً بالعرف قيل ، لأن الحب يقدر بالشرع فسقط اعتبار العرف فيه والأدم لم يتقدر إلا بالعرف فوجب اعتباره فيه ، وما اعتبرناه من عرف الأزواج في أدامها اعتبرنا عرف الخدم في أدام خادمها .

( القول في أدوات الزينة والنظافة للزوجة )
( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويفرض لها في دهن ومشط أقل ما يكفيها ولا يكون ذلك لخادمها لأنه ليس بالمعروف لها وقيل في كل جمعة رطل لحم وذلك المعروف لمثلها ‘ .

قال الماوردي : قال تستحق في نفقتها على الزوج ما تحتاج إليه من الدهن لترجيل شعرها وتدهين جسدها اعتباراً بالعرف ، وإن من حقوقه عليها استعمال الزينة التي تدعوه إلى الاستمتاع بها ، وذلك معتبر بعرف بلادها ، فمنها ما يدهن أهله بالزيت كالشام فهو المستحق لها ، ومنها ما يدهن أهله بالشيرج كالعراق فهو المستحق لها ، ومنها ما لا يستعمل أمثالها فيه إلا ما طيب من الدهن بالبنفسج والورد ، فتستحق في دهنها ما كان مطيباً فأما مقداره فمعتبر بكفاية مثلها ، وأما وقته فهو كل أسبوع مرة ، لأنه العرف ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ادهنوا يذهب البؤس عنكم ، والدهن في الأسبوع يذهب بالبؤس ، قال الشافعي : والمشط يعني به آلة المشط من الأفاويه والغسلة إذا كان ذلك من عرف بلادهم .

فأما الكحل فما كان منه للزينة الاثمد فهو على الزوج ، لأنه من حقوق الاستمتاع ، وما كان منه للدواء فهو على الزوجة كسائر الأدوية ، فإن قيل فهي للدواء أحوج منها إلى الدهن فكان بأن يجب على الزوج أحق قيل : لأن الدواء مستعمل لحفظ الجسد فكان عليها ، والدهن مستعمل للزينة فكان عليه ، لأن الزينة له وحفظ الجسد لها ، وجرى الزوج مجرى المكرى لزمه بناء ما استهدم من الدار المكراه دون مكتريها ،