الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص426
المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) [ البقرة : 233 ] وذلك إشارة إلى العرف ، ولأن الكفارات معتبرة بالنفقات ، لقول الله تعالى ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) [ المائدة : 89 ] ثم كانت الكفارات كفارات من غالب الأقوات ، فكانت النفقة بذلك أولى ، وإذا كان كذلك ، فغالب قوت أهل الحجاز التمر ، وغالب قوت أهل الطائف الشعير ، وغالب قوت أهل اليمن الذرة ، وغالب قوت أهل العراق البر ، وغالب قوت أهل طبرستان الأرز . فينظر في غالب قوت أهل بلدهما فتستحق نفقتها منه ، فإن اختلف قوت بلدهما وجب لها الغالب من قوت مثلها ، فإن كان مختلفاً كان الزوج مخيراً دونها ، فإن كانا من بلدين يختلف قوتهما نظر ، فإن نزلت عليه في بلده اعتبر الغالب من قوت بلد الزوج ، وإن نزل عليها في بلدها اعتبر غالب قوت بلد الزوجة ، فإن لم تألف الزوجة أكل قوت بلده ، قيل : هذا حقك فإن شئت فأبدليه بقوت بلدك ، وهكذا لو انتقلا عن بلدهما إلى بلد قوته مخالف لقوت بلدهما ، لزمه أن ينفق عليها من غالب قوت البلد الذي انتقلا إليه دون البلد الذي انتقلا إليه ، سواء كان أعلى أو أدنى . لأن النفقة تجب في وقت بعد وقت ، فكان لكل وقت حكمه .
أحدهما : أن الحب أكمل منفعة من مطحونه ومخبوزه لإمكان إدخاره وازدراعه .
والثاني : لثبوته في الذمة التي لا يثبت فيها إلا الحب . دون الدقيق والخبز ، فإذا وجب لها الحب نظر ، فإن كانت عادة أمثالها أن يتولوا طحن أقواتهم وخبزها بأنفسهم كاهل السواد ، كان مباشرة طحنه وخبزه عليها دون الزوج ، وإن لم تجر عادت أمثالها بمباشرة طحن أقواتهم وخبزها بأنفسهم كان الزوج بالخيار بين أن يدفع إليها أجرة الطحن وبين أن يقيم لها من يتولى طحنه وخبزه ، فإن قيل : فإذا أفضى حقها إلى الخبز كان أيجابه أحق . قيل : لأن لها أن تدخره وتزرعه إن شاءت ، فلو أراد الزوج أن يدفع إليها قيمة الحب لم تجبر الزوجة على قبولها ، ولو طلبت الزوجة القيمة لم يجبر الزوج على دفعها ، ولو اتفقا على القيمة ففي جوازها وجهان :
أحدهما : لا يجوز كالسلم وكالزكوات والكفارات .
والوجه الثاني : يجوز لاستقراره في الذمة بخلاف السلم ، ولمعين بخلاف الكفارات ، فأشبه القروض .