الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص425
فأما مقدارها . فهو مختلف باليسار والإعسار والتوسط ، فوجب أن يكون المقدار مختلفاً لاختلاف الأحوال وان يعتبر بأصل يحمل عليه ويؤخذ المقدار منه ، فكان أولى الأصول بها الكفارات لأمرين :
أحدهما : أنه طعام يقصد به سد الجوعة .
والثاني : أنه طعام يستقر ثبوته في الذمة . ثم وجدنا اكثر الطعام المقدر في الكفارات فدية الأذى قدر فيها لكل مسكين مدان فجعلناه أصلاً لنفقة الموسر ، فأوجبنا عليه لنفقة زوجته في يوم مدين ولأنه اكثر ما يقتاته الإنسان في الأغلب ، ووجدنا أقل الطعام المقدر في الكفارات كفارة الوطء في شهر رمضان . عليه لكل مسكين مد . فجعلناه أصلاً لنفقة المعسر ، وأوجبنا عليه لنفقة زوجته في كل يوم مداً ، ولأنه أقل ما يقتاته الإنسان في الأغلب ، ثم وجدنا المتوسط يزيد على حال المقتر وينقص عن حال الموسر . فلم نعتبره بالمعسر لما يدخل على الزوجة من حيف النقصان .
ولم نعتبره بالموسر لما يدخل على الزوج من حيف الزيادة فعاملناه بالتوسط بين الأمرين وأوجبنا عليه مداً ونصفاً ، لأنه نصف نفقة موسر ونصف نفقة معسر .
فأما الموسر : فهو الذي يقدر على نفقة الموسرين في حق نفسه وحق كل من تلزمه نفقته من كسبه لا من أصل ماله .
وأما المعسر : فهو الذي لا يقدر أن ينفق من كسبه على نفسه وعلى من تلزمه نفقته إلا نفقة المعسرين ، وإن زاد عليها كانت من أصل ماله لا من كسبه .
وأما المتوسط : فهو الذي يقدر أن ينفق من كسبه على نفسه وعلى من تلزمه نفقته نفقة المتوسطين . فإن زاد عليها كانت من أصل ماله ، وإن نقص عنها فضل من كسبه . فيكون اليسار والإعسار بالكسب في وجوب النفقة ، ولا يعتبر بأصل المال ، كما يعتبر ذلك في الكفارات . وسواء كان المقدر للزوجة وهو شبعها أو كان زائداً أو مقصراً ، فإن زاد على شبعها كانت الزيادة ملكاً لها ، وإن نقص ولم تقدر على التشبع ، به كان الزوج بالخيار بين أن يتمم لها قدر شبعها وبين أن يمكنها من اكتسابه . فأيهما فعل فلا خيار لها . فإن مكنها فلم تقدر على اكتساب كفايتها صارت من أهل الصدقات تأخذ د باقي كفايتها من الزكوات والكفارات .
وأما جنس النفقة . فهو الغالب من قوت بلدهما . لقول الله تعالى : ( وعلى