الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص423
قال الماوردي : نفقات الزوجات مقدرة تختلف باليسار والإعسار ، ويعتبر فيها حال الزوج دون الزوجة فإن كان موسراً تقدرت بمدين وإن كان معسراً تقدرت بمد ، وإن كان متوسطاً تقدرت بمد ونصف .
وقال أبو حنيفة ، ومالك : نفقة الزوجية معتبرة بكفايتها ، ولا اعتبار بيسار الزوج وإعساره فخالفوا في الأحكام الثلاثة ، فلم يجعلوها مقدرة ولا معتبرة بحال الزوج ولا مختلفة باليسار والإعسار . واستدلوا على ذلك بأن رسول الله ( ص ) قال لهند : ‘ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ‘ . فأذن لها في أخذ كفايتها ، وجمع بينها وبين ولدها ، ونفقة ولدها معتبرة بالكفاية ، وهو لا يأذن لها إلا فيما تستحقه ، فدل على أن الكفاية هي القدر المستحق ، ولأن نفقتها في مقابلة تمكين الزوج من الاستمتاع ، والتمكين معتبر بكفاية الزوج فوجب أن يكون ما في مقابلته من النفقة معتبراً بكافية الزوجة كالمقاتلة لما يلزمهم كفاية المسلمين جهاد عدوهم استحقوا على المسلمين في بيت مالهم قدر كفايتهم ، ولأن استحقاق النفقة يكون من ثلاثة أوجه : بنسب ، وزوجية ، وملك ، فلما كان المستحق بالنسب والملك معتبراً بالكفاية ، وجب أن يكون المستحق بالزوجية معتبراً بالكفاية .
وتحريره أنها جهة تستحق بها النفقة .
فوجب أن تكون معتبرة بالكفاية كالنسب والملك .
ودليلنا قول الله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) [ الطلاق : 7 ] . فدلت هذه الآية على اعتبار النفقة بالزوج واختلافها بيساره وإعساره . فسقط بذلك اعتبار كفايتها ولا يجوز حمله على نفقة المرضعة ؛ لأنها لا تختلف باليسار والإعسار ، ولأنها أجرة مقدرة ، ولأن المال المستحق بالزوجية يجب أن يكون مقدراً كالمهر ، ولأن ما استقر ثبوته في الذمة من الأطعام إذا لم يسقط