الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص411
يبول منهما فيخرج بوله من ذكره ومن فرجه ، وجب أن يراعي اسبقهما بولاً لقوته فيحكم به فإن استويا في السبق وجب أن يراعي أخرهما انقطاعاً لغلبته فيحكم به فإن استويا في السبق والخروج غير مشكل .
وقال أبو حنيفة : يعتبر أكثرهما بولاً فيحكم به ، وحكاه أبو القاسم الداركي على المذهب ، وأنكره سائر أصحابنا وجعلوه مشكلاً فلو سبق بوله في أحدهما ، وتأخر انقطاعه من الآخر بقدر السبق ففيه وجهان :
أحدهما : يحكم بالسبق .
والثاني : قد استويا ، ويكون مشكلاً ، فلو سبق بوله من أحدهما ، وكان قليلا وتأخر من الآخر ، وكان كثيراً ففيه ثلاثة أوجه :
أحدهما : يحكم بالسابق منهما .
والثاني : يحكم بأكثرهما .
والثالث : يكون مشكلاً فلو كان يبول من أحدهما تارة ، ومن الآخر تارة ، أو كان يسبق أحدهما تارة ويتأخر تارة ، اعتبر أكثر الحالتين منهما ، فإن استويا فهو مشكل .
وقال بعض أصحابنا : اعتبر صفة البول فإن زرق فهو ذكر وإن رشش فهو أنثى . وأنكر سائر أصحابنا هذا الاعتبار وجعلوه مشكلا ، فإذا عدم البيان من طريق المبال الذي هو الأعم من منفعتي العضوين وجب الرجوع إلى اعتبار المنفعة الخاصة ، وهي المني ، وذلك يكون عند البلوغ فإن أمنى من ذكره فهو رجل ، وإن أمنى من فرجه فهي امرأة ، وإن أمنى منهما فلا بيان فيه . واختلف أصحابنا هل يعتبر بالحيض أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يعتبر بالحيض فإن حاض فهو أنثى ، وإن لم يحض فهو ذكر .
والوجه الثاني : لا اعتبار بالحيض ، وإن اعتبر المني ، لأنهما يشتركان في المني ، ويختلفان في مخرجه فجاز أن يكون معتبراً كما يشتركان في البول ، ويختلفان في مخرجه ولا يشتركان في الحيض ، وقد يجوز أن يكون الدم ليس بحيض ، فإذا فات البيان من الذكر والفرج باعتبار البول والمني فلا اعتبار بعدهما بشيء من أعضاء الجسد وصفاته فلا تكون في اللحية دليل ، لأنها قد تكون لبعض النساء ، ولا تكون في الثدي واللبن لأنه قد يكون لبعض الرجال .
وروى عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه اعتبر بعدد الأضلاع فإن أضلاع المرأة متساوية في الجانبين ، وأضلاع الرجل تنقص من الجانب الأيسر ، ضلعاً لأجل ما حكي أن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر ، وبهذا قال حسن البصري وحكاه