الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص407
والثاني : أن في الشهادة التزام حق على غير المشاهد فبنى على الاحتياط في نفي الاحتمال ، والإقرار التزام حق على النفس فكان في ترك الاحتياط تقصير عن المقر فالتزام حكم إقراره هذا فيما تعلق بصفة الرضاع .
فأما العدد فمعتبر بحال الإقرار فإن قال الرجل : بيني وبينها رضاع افتقر التحريم إلى ذكر العدد ، وإن قال : هي أختي من الرضاع لم يفتقر إلى ذكر العدد إن كان من أهل الاجتهاد ، لأن في اعترافه بإخوتها التزاماً بحكم التحريم بالعدد المحرم وإن لم يكن من أهل الاجتهاد احتمل وجهين :
أحدهما : يلزمه ذكر العدد ويرجع فيه إليه بعد إقراره بجهله بالتحريم المحتمل .
والوجه الثاني : لا يلزم ذكر العدد ، ولا يرجع فيه إليه بعد إطلاق الإقرار بالتحريم كما لا يرجع إليه في صفة الطلاق بعد إقراره به كما لو اقر بأنها أخته من النسب .
فلو رجعا عن الرضاع بعد إقراراهما اعتبر حال إقرارهما ، فإن لزمهما في الظاهر والباطن لعلمهما به لم يقبل رجوعهما فيه ظاهراً ولا باطناً ، وإن لزمهما إقرارهما في الظاهر دون الباطن لجهلهما به لم يقبل رجوعهما ظاهراً ، وقيل باطناً .
فإن قيل : أفليس لو ادعت امرأة على رجل عقد نكاح وأنكرها ثم أعترف بها حلت له ؟ فهلا كان في الرضاع كذلك ؟
قيل لأن تحريم التي أنكرها غير مؤبد ، فجاز أن يستبيحها بالاعتراف ، وتحريم الرضاع مؤبد فلم يستبحها بالاعتراف .
قال الماوردي : وقد مضت هذه المسألة وقلنا إن دعوى أحدهما للرضاع بعد وجود العقد بينهما مقبول في وقوع الفرقة من قبل الزوج ، وغير مقبول من جهة الزوجة لما قدمناه من الفرق بينهما في أن الفرقة يملكها الزوج ولا تملكها ،