الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص404
لأنه حق عليه فإن لم تكن له بينة كان عليه قبل الدخول نصف المسمى وبعد الدخول جميعه ، وإن كان له بينة ، وبينته شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو أربع نسوة ، لأنها بينة على الرضاع فلا يجب عليه قبل الدخول مهر ، وعليه بعد الدخول مهر المثل يستحق بالإصابة دون المسمى ، لفساد العقد .
فلو شهد له بالرضاع أمهاته أو بناته لم يقبلن ، لأن شهادة الوالد لولده مردودة ، وكذلك شهادة الولد لوالده وإن كان فيهن أم الزوجة أو بنتها قبلت شهادتها ، لأن شهادة الوالد على ولده مقبوله ، وإن لم يقبل له .
وإن كان مدعي الرضاعة الزوجة ، والزوج منكر لم يقبل قولها في الفرقة إلا ببنية لأنها لا تملك الفرقة ، فإن أقامت بينة برجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة يشهدن بالرضاع قبلت بينتها ، ووقعت الفرقة ، وسقط مهرها قبل الدخول ، وكان لها مهر المثل بعد الدخول ، فلو كان في شهودها أمها أو بنتها ردت شهادتهما للتهمة ، ولو كان فيهن أو الزوج أو بنته قبلت شهادتهما عليه لارتفاع التهمة .
فإن قيل : فكيف يصح أن تشهد البنت على رضاع أبيها وأمها والرضاع يكون في الصغر الذي لا يجوز أن يشهده الولد ، قيل : لأنه قد يجوز أن يكون أحد الزوجين كبيراً له ولد يكون الآخر صغيراً فيرتفع من أم الكبير وتشهده بنته فتشهد بالرضاع له وعليه .
قال الماوردي : أما شهادة المرضعة بالرضاع فمقبولة ما لم تدع بها أجرة الرضاع ، لأنها لا تستفيد بها نفعاً ، ولا تستدفع بها ضرراً ، فزالت التهمة عنها فقبلت .
فإن قيل : فهي تشهد على فعلها وشهادة الفاعل على فعله مردودة كالحاكم إذا شهد بما حكم به ، والقاسم إذا شهد بما قسمه .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الحاكم والقاسم تفردا بالفعل فلم تصح شهادتهما به والمرضعة إما أن ينفرد الولد بالرضاع وهي نائمة ، وإما أن تمكنه فيكون الولد هو المرتضع فلم تكن شهادتهما على مجرد فعلها .