پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص383

والقول الثاني : أنه يرجع في الرضاع والشهادة بجميع المهر على ما نص عليه في الشهادة لما فيهما من استهلاك البضع عليه بالإحالة بينه وبينه ، فوجب ضمان قيمته ، وهو جميع المهر .

والطريقة الثانية : وهي طريقة أبي إسحاق المروزي أن الجواب على ظاهره في الموضعين فيرجع في الرضاع بنصف المهر ، ويرجع في الشهادة بجميع المهر ، والفرق بينهما أن الفرقة في الرضاع وقعت في الظاهر والباطن حقيقة والزوج بها معترف ، وقد رجع إليه نصف المهر فلم يرجع على المرضعة إلا بالنصف الذي التزمه ، وخالف الشهادة لوقوع الفرقة بها في الظاهر واعتراف الشهود بإحلالها له ، وأنه لم يسترجع من المهر شيئاً فلذلك رجع عليهم بقيمة ما فوتوه عليه من البضع وهو جميع المهر .

والطريقة الثالثة : أنه يرجع في الرضاع بنصف المهر ، فأما الشهادة فعلى اختلاف حالين فالموضع الذي قال يرجع على الشاهدين بجميع المهر ، إذا كان الزوج قد ساق إليها جميعه ، لأنه بإنكار الطلاق لا يرجع عليها بشيء منه فصار ملتزماً بجميعه ، فلذلك رجع بجميعه على الشهود والموضع الذي يرجع بنصف المهر إذا لم يكن قد دفع إليها جميع الصداق فلا يلزمه إلا دفع نصفه ، لأن الزوجة بادعاء الطلاق قبل الدخول لا تستحق إلا نصف المهر فصار الذي لزمه نصف المهر فلا يرجع على الشاهدين بأكثر منه .

( فصل )

وأما الحكم الثالث : وهو صفة الضمان فالكلام فيه يشتمل على فصلين :

أحدهما : صفة ما تضمنه الزوج لزوجته المرتضعة ، وذلك معتبر بالمسمى في العقد وإن كان قدر مهر المثل فما زاد وجب لها نصف المسمى ، وإن كان اقل من مهر المثل كان مبنياً على اختلاف قول الشافعي في الذي بيده عقد النكاح .

فإن قيل : إنه الزوج دون الأب لم يكن للأب أن يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر المثل فيكون المسمى إذا نقص منه باطلاً ، يجب لها نصف مهر المثل ، وإن قيل : إنه الأب ، ففي جواز تزويجه لها بأقل من مهر المثل وجهان :

أحدهما : يجوز ، لأنه لما جاز له أن يبرئ من جميع المهر ، فأولى أن يزوج بأقل من مهر المثل ، فتكون لها نصف المسمى ، وإن نقص عن مهر مثلها .

والوجه الثاني : وهو أصح ، أنه لا يجوز أن يزوجها بأقل من مهر مثلها ، وإن جاز أن يبرئ من جميع مهرها ، لأنه يبرئ منه بعد الطلاق ليستفيد مثله في النكاح المستقبل وخالف ابتداء العقد ، لأنه قد أسقط لها حقاً لا يستفيد مثله .