الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص382
والثاني : وهو مذهب مالك أن المرضعة غير ضامنة لغرم التحريم سواء قصدت التحريم أو لم تقصده بأن خافت تلف الصغيرة فأرضعتها أو استؤجرت مرضعاً لها .
والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة أنها إن قصدت التحريم ضمنت ، وإن لم تقصده لم تضمن استدلالا بأن تحريم الرضاع سبب ، لأن الرضاع يثبت الحرمة ثم يبطل النكاح بثبوت الحرمة ، والاستهلاك ، إذا كان بسبب لم يكن عن مباشرة ، فرق فيه بين التعدي بالقصد ، وبين من ليس بقاصد ولا متعد ، كحافر البئر إن تعدى بحفرها في غير ملكه ضمن ، وإن لم يتعد بحفرها في غير ملكه لم يضمن .
والدليل على ذلك قول الله تعالى ( يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) إلى قوله ( وآتوهم ما أنفقوا ) فمنح الله تعالى من رد المسلمة المهاجرة على زوجها مع اشتراط رد من أسلم عليهم وأوجب غرم مهرها للزوج لأنه قد حيل بينه وبين زوجته فكذلك المرضعة ، ولأن كل ما صح أن يكون مضموناً بالعقد صح أن يكون مضمونا بالإتلاف كالأموال .
والدليل على أبي حنيفة هو أن حقوق الآدميين إذا ضمنت بالعمد ضمنت بالخطأ كالأموال ، ولأن تحريم الزوجة بالرضاع يوجب الضمان كالعمد .
فأما الجواب عن استدلالهم بأن التحريم عن سبب فهو أن كون السبب عدوانا يوجب الضمان في العمد والخطأ كما في حفر البئر في غير ملكه يضمن لتعديه وفي ملكه لا يضمن لعدم تعديه في العمد والخطأ ، وذهب بعض أصحابنا إلى أن المرضعة إن أرضعت بشرع أوجب عليها الرضاع كالتي يخاف تلفها إن لم ترضعها لم تضمن وإن لم يوجبه الشرع عليها ضمنت ، وهذا لا وجه له من سقوط الغرم ، وإنما هو وجه في سقوط الماء ثم كمن خاف تلف نفسه فأحياها بمال غيره ضمن ولم يأثم .
أحدها : وهي طريقة أبي سعيد الإصطخري أن جمعوا بين المسألتين وخرجوها على قولين :
أحدهما : وهي طرية أبي سعيد الإصطخري أن جمعوا بين المسألتين وخرجوها على قولين :
أحدهما : يرجع في الرضاع والشهادة بنصف المهر على ما نص عليه في الرضاع ، لأنه القدر الذي غرمه الزوج فلم يرجع بأكثر منه .