الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص375
لبن مزجت بأوقيتين من ماء حتى لم يتميز الماء من اللبن ، فحكم جميعه في حكم اللبن تغليباً لحكم التحريم فإي شيء شربه من ذلك المشوب من قليل وكثير ثبت به التحريم .
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ، يختص التحريم بأغلبهما لبناً بناء على أصلهما في اعتبار الأغلب .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا جبن اللبن أو أغلاه بالنار تعلق به التحريم .
وقال أبو حنيفة : لا يتعلق به التحريم استدلالا بقول الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) [ النساء : 23 ] وهذا مفقود في المجبن والمغلى ، ولأن زوال اسم اللبن موجب لارتفاع حكمه بناء على ما قاله في المشوب .
ودليلنا قول النبي ( ص ) ‘ الرضاعة من المجاعة ‘ وهذا أبلغ في سد المجاعة من مائع اللبن فوجب أن يكون أخص بالتحريم ، ولأن ما تعلق به التحريم مائعاً تعلق به جامداً كالنجاسة والخمر ، ولأن انعقاد أجزائه لا يمنع من بقاء تحريمه كما لو ثخن ، ولأن تغيير صفته لا توجب تغيير حكمه كما لو حمض وقد مضى الجواب عما استدل به .
قال الماوردي : إذا ارتضع رجلان من لبن بهيمة لم يصيرا أخوين ، ولم يتعلق بلبنها تحريم .
وقال بعض السلف وأضيف ذلك إلى مالك ، وقد أنكره أصحابه أن لبن البهيمة يحرم ويصيرا بلبنها أخوين استدلالا باجتماعهما على لبن واحد فوجب أن يصيرا به أخوين كلبن الآدميات .
ودليلنا قول الله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) والبهيمة لا تكون بارتضاع لبنها أما محرمة كذلك لا يصير المرتضعان بلبنها أخوين ، لأن الأخوة فرع من الأبوة . ولأن الرضاع يلحق بالنسب فلما لم يثبت النسب إلا من جهة الأبوين وجب أن لا يثبت الرضاع إلا من جهتهما .