الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص372
قال الماوردي : وأما الوجور فهو صب اللبن في حلقه ، وأما السعوط فهو صب اللبن في أنفه واختلف الفقهاء في تحريم الرضاع بهما إذا وصل اللبن بالوجور إلى جوفه ، وبالسعوط إلى دماغه على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي إن التحريم بهما ثابت كالرضاع .
والثاني : وهو مذهب عطاء ، وداود أنه لا يثبت تحريم الرضاع بهما لقوله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) [ النساء : 23 ] .
والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة أن التحريم ثبت بالوجور ، ولا يثبت بالسعوط لقول النبي ( ص ) ‘ الرضاعة من المجاعة ‘ والوجور يحصل به الاعتداد لوصوله إلى الجوف ، والسعوط لا يحصل به الاعتداد ، لأنه لم يصل إلى الجوف فأشبه الحقنة ، والدليل عليها في الوجور قول النبي ( ص ) ‘ الرضاع من المجاعة ‘ والوجور يحصل به الاعتداد لوصوله إلى الجوف ، والسعوط لا يحصل به الاعتداد ما أنبت اللحم وأنشر العظم ، وهذا موجود في الوجور ، ولقول النبي ( ص ) في سالم ‘ أرضعيه خمساً يحرم بهن عليك ‘ ومعلوم أنه لم يرد ارتضاعه من الثدي بتحريمه عليه فثبت أنه أراد الوجور .
والدليل على أبي حنيفة في السعود قول النبي ( ص ) للقيط بن صبرة بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ، لأن لا يصير بالمبالغة ووصول الماء إلى الرأس مفطراً كوصوله إلى الجوف كذلك الرضاع ، ولأن ما أفطر باعتدائه من لبنها أثبت تحريم الرضاع في زمانه كالرضاع فأما قوله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) ، فهذا يتناول الرضاع اسماً ومعنى .
وأما الحقنة ففيها قولان :
أحدهما : ثبت بها تحريم الرضاع فيسقط الاستدلال .
والثاني : لا يثبت بها تحريم الرضاع وإن أفطر بها الصائم ، لأن تأثير الاعتداء في السعوط والوجور ، وتأثيره في الحقنة غير موجود .
فإذا ثبت ما ذكرناه فلا فرق في الخمس بين أن تكون كلها رضاعاً أو كلها سعوطاً أو كلها وجوراً أو بعضها رضاعاً ، وبعضها سعوطاً أو بعضها وجوراً .