الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص371
فترة الانقطاع نفس أو لهث أو لازدراد ما اجتمع في فمه أو لاستمراء ما حصل فيه فمه حلقه ثم عاود الثدي مرتضعاً ، فهي رضعة واحدة ، لأن العرف في الرضعة أن يتخللها فترات واستراحة ولهث كمن حلف لا يأكل إلا مرة مقتر في أكله لقطع نفس أو ازدراد أو لهث ثم عاود الأكل كانت أكلة واحدة ولم يحنث ، وهكذا لو انتقل الطفل من أحد الثديين إلى الآخر كانت رضعة واحدة كما انتقل الحالف من لون إلى لون لم يحنث ، ولو ترك الثدي وقطع الرضعة لغير سبب ، ثم عاود مرتضعاً نظر إلى زمان الفترة ، فإن قل فهي رضعة وإن طال فهي رضعتان وكذلك حكم الحالف إذا قطع ثم عاوده .
أحدهما : أن يلتقم الثدي ويمصه فيخرج الثدي من فمه ويقطع عليه رضاعة فقد اختلف أصحابنا في هذا القطع ، هل يستكمل به الرضعة أم لا على وجهين :
أحدهما : أن الرضعة لم تكمل حتى يقطعها باختياره ولا يحتسب بها من الخمس لعدم كمالها كمن حلف لا يأكل إلا مرة فقطع عليه الأكل بغير اختياره ثم عاود الأكل بعد تمكينه لم يحنث .
والوجه الثاني : أنها تكون رضعة كاملة يحتسب بها من الخمس ، لأن الرضاع يعتبر فيه فعل المرضعة والمرضع على الانفراد ولا يعتبر اجتماعهما عليه ، لأنه لو ارتضع منها وهي نائمة كان لها رضاعاً وإن لم يكن لها فعل ، ولو أوجرته لبنها ، وهو نائم كان رضاعاً وإن لم يكن له فعل .
والفرع الثاني : وهو أن يرتضع من كل واحدة من امرأتين أربعاً أربعاً ثم يرضع الخامسة من إحداهما ثم يعدل عن ثدييها إلى ثدي الأخرى فترضعه ، ففي تحريمها عليه وجهان :
أحدهما : لا يحرم عليه واحدة منهما لأن الرضعة الخامسة مشتركة بينهما ، فكان لكل واحدة منهما بعضها فلم تكمل بها الخامسة كما لو انتقل الحالف من مائدة إلى أخرى .
والوجه الثاني : قد حرمتا عليه ، ويعتد بما شربه من كل واحدة منهما رضعة كاملة ، لأنه قطع ثديها تاركاً له فلم يقع الفصل في تركه بين إمساكه وارتضاعه من غيره ويتفرع على هذا الفرع أن يحلب لبناً في إناء يمتزج فيه لبنهما ثم يشربه الطفل في رفعه واحدة فلا تعتد به على الوجه الأول واحدة منهما ، ويعتد به على الوجه الثاني لكل واحدة منهما رضعة كاملة والله أعلم بالصواب .