پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص369

مقدر بسنتين كالرضاع فلا يلحق به إذا ولد لأكثر من ذلك كما لا يحرم بالرضاع بعد الحولين قال : لأن الله تعالى قال : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) [ الأحقاف : 15 ] فجعل مدتها ثلاثين شهرا فوجب أن تكون مدة كل واحد منهما أقل من ثلاثين شهراً وهذا الذي ذكره المزني فاسد ، لأته لا يجوز أن يكون ما قدره بثلاثين شهراً مدة لأكثرهما لزيادتهما على هذا التقدير بإجماع ، ولا مدة لأقلهما بالإجماع ، لأن اقل الرضاع غير محدد ، ولا مدة لأكثر الحمل وأقل الرضاع ، لأن أقل الرضاع غير ممدود فلم يبق إلا أن يكون مدة لأكثر الرضاع ، وأقل الحمل وأكثر الرضاع مقدر بحولين فكان الباقي بعدهما مدة أقل الحمل ، وهو ستة أشهر ، فلم يكن في ذلك دليل على مدة أكثر الحمل ، وإنما جمع بين مدتي اكثر الرضاع واقل الحمل تنبيهاً على حقوق الأمهات ووجوب حق الوالدين ليعلم من ولد لأكثر من ستة أشهر أن حق والدته أكثر وشكرها أعظم كما قال ( فلا تقل لهما أف ) [ الإسراء : 23 ] فخصص التأفيف بالتحريم ليدل على أن تحريم الضرب والشتم أغلظ ولم يذكر أول الرضاع ، لأن لا تقتصر الأمهات عليه والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات كلهن في الحولين قال وتفريق الرضعات أن ترضع المولود ثم تقطع الرضاع ثم ترضع ثم تقطع كذلك فإذا رضع في مرة منهن ما يعلم أنه وصل إلى جوفه ما قل منه وما كثر فهي رضعة وإن التقم الثدي فلها قليلا وأرسله ثم عاد إليه كانت رضعة واحدة كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد ويعود يأكل فذلك أكل مرة وإن طال وإن قطع قطعا بعد قليل أو كثير ثم أكل حنث وكان هذا أكلتين ولو أنفد ما في إحدى الثديين ثم تحول إلى الأخرى فأنفد ما فيها كانت رضعة واحدة ‘ .

قال الماوردي : ومنها قوله ( ص ) لعائشة رضي الله تعالى عنها ‘ اشتري واشترطي لهم الولاء ‘ ثم شرط الولاء ، وصحح الشراء ليستقر في نفوسهم المنع من اشتراط الولاء في البيع ، ومع استقراره فالبيع باشتراطه باطل ولو لم يستقر لأجيز البيع حتى يستقر ، فصارت هذه الأحكام مرتفعة لزوال أسبابها لا لنسخها ، وهذا قول حكاه المروزي ، وبعض أصحابنا واختاره ابن أبي هريرة .

والدليل من طريق المعنى أن كل سبب رفع به التحريم المؤبد إذا عرى عن جنس الاستباحة افتقر إلى العدد كاللعان وما لم يعر عن جنس الاستباحة لم يفتقر إلى العدد كالنكاح والوطء ، ولأنه شرب لا يعدوه في العرف فوجب أن لا يقع به التحريم كالرضاع الكبير ، ولأن ما يقع به التحريم نوعان ، أقوال وأفعال ، فلما كان من الأقوال ما يفتقر